لم تكن ارض فلسطين بمعزل عن الاحداث المحيطة بها فممالك تقوم وأخرى تنهار وتنقسم، فالتغير سمة غالبة من سمات الكون، بعدما أسس نبيّ الله سليمان حضارة مزدهرة ليس لها مثيل ذكرت في “سورة سبأ” وكان أحد منجزاتها معبدًا تقام فيه الصلاة، فقد سأل الله أن يهب له ملكاً لا ينبغي لأحدً من بعده، ولكن سرعان ما انقسمت المملكة بعد وفاة سليمان إلى جزئين هما: إسرائيل ويهوذا، فقام الأشوريون بالسيطرة على فلسطين نتيجة اضمحلال بني إسرائيل، وفي العام 586 ق.م سقطت مملكة يهوذا على يد نبوخذ نصر ملك بابل، وهدموا معبد سليمان، ولكن لم تدم سيطرة البابليون كثيراً فقد قام الفرس بالاستيلاء على مدينة بابل، ورجع الاسرى اليهود إلى فلسطين وقاموا ببناء معبد سليمان مرة أخرى بعد 45 عامًا.
انطلق الإسكندر المقدوني من مصر لدحر الدولة الفارسية واصبحت فلسطين تحت الحكم اليوناني في عام 333 ق.م، وبعد مرور 10سنوات يموت الإسكندر، وانقسمت دولته وخضعت فلسطين، ومصر، والسلوقيون للبطالمة الوثنيون، وفي ظل انقسام الإسرائيليون تكالبت الإمبراطوريات القريبة من بلاد الشام على زيادة رقعتها الجغرافية باحتلالها فتزداد اوجاع سكان فلسطين، عُرف عن اليهود خلال مراحل التاريخ بعدم الاستقرار، وعصيان قادتهم سواء كانوا أنبياء أو ملوكًا، وتسبب ذلك في تشريدهم، فقد جُعلت مستقراً لهم ما أطاعوا الله وحُرّمت عليهم بكفرهم ومن أصدق من الله حديثًا.
تعدد الديانات في عهد الامبراطورية الرومانية:
توسعت الإمبراطورية الرومانية واستعمرت فلسطين في عام 63 ق.م، وهدأ اليهود في فلسطين قليلاً، ثم قاموا بالثورة على الإمبراطور الروماني “طيطس” في سنة 70 ميلادية، فقام بتخريب مدينة القدس ودمّر معابدها القديمة، وحرّم الإمبراطور “هادريان” اليهود من دخولها بعد ثورتهم الثانية في عام 132م وانشأ مدينة “كولونيا إيليا كابوتاليا” الوثنية محل القدس، ومع انتشار المسيحية ترك الإمبراطور “قسطنطين” الوثنية واعتنق الديانة المسيحية ولكن بالصبغة الوثنية بعد قيام عدد من الحواريين بتحريف انجيل نبيّ الله عيسى عليه السلام بطريقة تأثرت بالديانات الوثنية.
ظهر الاسلام في شبه الجزيرة العربية وعرف عن اتباعه الاعتدال واحترام اصحاب الديانات الاخرى، فالاسلام والمسيحية ديانات سماويه أنزلها الله على بني آدم ليهديهم إلى الطريق القويم، ولانتشال البشرية من ظلام الوثنية إلى نور التوحيد وهذا ما سنذكره في الجزء الثالث.