الميكروبات البحرية ثروة لا تقدر بثمن

قال سبحانه: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ البَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ)، “المائدة: الآية 96، ورد  ذكر البحر في القرآن الكريم نحو أربعين مرة، وفي جميعها تذكير بنعم الله وفضله وآياته العظيمة، وما في البحر من فوائد ومصالح لحياة الإنسان، ليدرك أهميه الحفاظ على نعمته، خيرات البحر كبيرة وجليلة لا تقل عن خيرات البر ولا تقتصر على صيد الأسماك واللآلئ والحلي أو الركوب فيه لمسافات بعيدة، وإنما هناك من فوائده ما لا يعد ولا  يحصى، كائنات دقيقة لا ترى بالعين المجردة لها من الفوائد ما هو عظيم للإنسان والبيئة، إنها الميكروبات البحرية،و ذلك إذا  ما تم عزلها وتنميتها وتخميرها في دوارق  والإستفادة  منها في مجالات حيوية عديدة.

يقول الأستاذ الدكتور حسن عبد الله الشرقاوي، رئيس قسم الميكروبيولوجيا البحرية  بالمعهد القومي لعلوم البحار والمصايد ان للميكروبات البحرية فوائد في مجالات حيوية لا غنى عنها، فهي إلى جانب الميكروبات الأرضية تشكل مصدرا للعديد من المنتجات الطبيعية والمركبات الحيوية الفعالة في الطب  والزراعة والصناعة والبيئة، بل قد تفوق في أهميتها  الميكروبات الأرضية، حيث تتمتع بخصائص فريدة ويتعين عليها التكيف مع ظروف البيئة البحرية القاسية كدرجات الحرارة المرتفعة أو المنخفضة والمياه القلوية أو الحمضية والضغط المرتفع والمادة الغذائية المحدودة في أعماق البحار.

و من الأمثلة الواضحة على أهمية الميكروبات البحرية -منها طحالب الميكروسكوبية والبكتيريا الخضراء المزرقة- في حياة البشر هي قيامها جميعا بعملية البناء الضوئي، كي ينطلق الأكسجين إلى البيئة.

توليد الأكسجين

منذ أكثر  من ملياري عام، ساعد توليد الأكسجين عن طريق بعض أنواعها في تشكيل البيئة الكيميائية التي تطورت فيها النباتات والحيوانات وجميع أشكال الحياة الأخرى.

يذكر أن العلماء أكدوا بأن كمية الأكسجين المنتجة في العالم يأتي نصفها من المحيط بينما يأتي النصف الآخر من النباتات والغابات فوق سطح الأرض.

و يشير دكتور الشرقاوي إلى أنه يمكن استخدام الميكروبات البحرية في العديد من تطبيقات التكنولوجيا الحيوية، بما في ذلك تصنيع المنتجات الصناعية وإنتاج الطاقة، كما تعد مصدرا مهما للمركبات النشطة بيولوجيا التي قد تطبق كأدوية.

حماية البيئة البحرية

و للميكروبات البحرية أيضا دور مهم في حماية البيئة البحرية من خلال التخلص من عدد من الكيماويات والنفايات التي أضر بها الإنسان بيئته البحرية، مثل إزالة بقع زيت البترول الخام المتسربة من الناقلات، وذلك عبر آلية الهدم الحيوي والتنظيف البيولوجي، كما تساهم في تنقية المياه من ملوثات الصرف الصحي والصناعي.

استخراج البترول

وهناك أنواع عدة من  الميكروبات البحرية تستخدم في مرحلة استخراج البترول ورفع البترول الخام من باطن الأرض إلى سطحها من خلال أنابيب الضخ، فقد لاحظ العلماء فاعلية استغلال النشاط الميكروبي كطريقة ناجحة في تحسين عملية استخلاص البترول الموجود في  الصخور وذلك بحقن هذه البكتيريا  في بئر البترول لينتج عن نموها أحماض تذيب التكوينات الصخرية بما ينتج عنه زيادة الضغط الصخري الموجود فيندفع البترول لأعلى بمعدلات أفضل عما قبل.

البروتينات الطبية

ارتبطت الميكروبات واستخداماتها بحاجة المجتمع وخاصة الخدمات التطبيقية،( باستخدام تقنيتا الدنا المطعوم والتخمر) مثل انتاج البروتينات الطبية وانتاج الأنسولين البشري وعمليات تشخيص الأمراض الوراثية والأمراض المعدية مثل الالتهاب الكبدي الوبائي، الأمصال، الأنزيمات الضرورية، المضادات الحيوية وتدوير المخلفات.

تطهير المزارع السمكية

تستخدم أحد الميكروبات البحرية الآمنة على كل من صحة الإنسان والأسماك – من خلال  تقنية البروبيوتك- في إفراز مواد مثبطة أو مضادات حيوية من شانها تطهير الوسط المائي الذي تحيا فيه  الأسماك، مما يساهم في السيطرة  على عدد كبير من ممرضات الأسماك وتجنب المزارع السمكية خسائر فادحة.

 

 


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد