الفرانكو مجرد لغة شبابية أم مخطط لمحو الثقافة العربية؟!

الفرانكو مجرد لغة يكتب بها الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي إبدال الأحرف العربية بالإنجليزية وإضافة بعض الأرقام الأمر الذي انتشر من فترة ليست بعيدة ويستخدمه الكثيرون دون وعي أو تفكير تقليد أعمي أو نوع من التحضر في نظر البعض الآخر.

الفرانكو

الفرانكو

قد يري الكثيرون أن مايسمي بالفرانكو أمراً هيناً، أو لم يخطر ببال أحدهم لماذا انتشر بهذه السرعة ومامدى خطورته، والسواد الأكثر يكتبون به لمجرد التقليد وكأن الكتابة بالعربية أصبح عيباً يستتر من الناس جرّأء فعله، وكأنه سيظهر كجاهل بالعصر الذي يعيش فيه.

اللغة تمثل الهوية ولا أحد يستهين باللغة إلا جاهلٌ بها، ولها أهمية في تربية الجيل على هويته الخاصة وعد التأثر بالآخرين، وخير دليل على ذلك تلك الجماعات اليهودية التي سعت لاحتلال الأرض كان جل إهتمامها أثناء وجودهم في أنحاء العالم هو إحياء اللغة العبرية من مرقدها، حتى تكون هناك رابطة تجمع يهود العالم، وبعدها طفق أدباؤهم ومفكروهم في كتابة أدبهم باللغة العبرية.

بل وأصبح الأمر مرتبط بالدين وخذت صبغة مقدسة شأنها شأن أي شيء مقدس عندهم، فأصبح هناك إنتاج غزير مكتوب بهذه اللغة الميتة من شعر ونثر وأخذوا يتحدثون بها في بيوتهم ومع مرور الوقت أصبحت لغة حية بين جموع اليهود وعند قيام الدولة أصبحت اللغة الرسمية.

الأمر في غاية الخطورة ممايسمي الفرانكو فهدف الاستعمار الرئيس محو ثقافة الشعوب التي يهدف لهزيمتها حتى يخلق جيلاً بلا هوية ولا ثقافة، جيلاً هشاً لا خير فيه مجرد تابع ومقلد يصدق فيه قول أمير الشعراء ” ياله من ببغاء عقله في أذنيه “.

وإذا تصفحت التاريخ سترى أن المستعمر حال دخوله أي بلد يبدأ بمحو ثقافة أهلها ويبدأ باللغة ويفرض لغته لغة رسمية للتعليم والثقافة كما هو الحال باستخدام الفرانكو محل اللغة الأم، ويهمش اللغة الأم لأهل المنطقة حتى يخلق جيلاً يحب كل ما هو أجنبي غريب، يرحب بجلاده بالريحان والورود، الأمر الذي فعلته فرنسا بالجزائر وتونس والدول التي استعمرتها، حيث انتهجت سياسة الفرنسة وهو فرض تلك الثقافة الغربية عليهم حتى أصبح مواطني هذه الدول يتحدثون الفرنسية مع بعض الكلمات العربية فأصبحت لهجة محلية.

وحينما أراد مصطفي كمال أتاتورك محو الثقافة العربية بعد سقوط الدولة العثمانية أمر بجعل اللغة التركية تكتب بالأحرف اللاتينية بدلاً من العربية حتى أصبح تركيا الآن كأي دولة أوروبية متأثرين بالثقافة التي مكثت بينهم عقوداً طويلة.

الأمر الذي أريد إيضاحه هو أن استهانتا بالأمور البسيطة قد تؤدي إلى انهيار مجتمع كامل فحينما تغيب اللغة سيلجأ الشباب إلى ثقافات أخرى ليستقوامنها معلوماتهم وهنا نصبح مستعمرين فكرياً وثقافيا وهو الأدهى والأمر.

الفرانكو
الفرانكو


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد