السر وراء استمرار نشر تفاصيل حياة نيرة أشرف ومحمد عادل رغم صدور الحكم

لن تكون قضية نيرة أشرف أول أو آخر قضية رأي عام، مثلها مثل آلاف القضايا التي سبق وآثارها الإعلام، لفترة حدوثها ثم تختفي وتأتي غيرها، ربما يتذكرها الرأي العام مرة أخرى عندما يتم نشر خبر الحكم في القضية، الذي يصدر عادة بعد وقوع أحداث القضية بشهور أو أكثر، لكن قضية نيرة وقاتلها محمد عادل، رغم صدور الحكم بإعدام المتهم، إلا أن الإعلام مكمل في البحث والتنقيب في حياة الضحية، والقاتل على السواء، ونشر تفاصيل صغيرة للغاية على أنها جزء من القضية.

الإعدام شنقًا لقاتل نيرة أشرف

لم يبق إلا مرحلة النقض، وهي مرحلة واجبة بحكم القانون في القضايا التي يصدر فيها حكما بالإعدام، والمتهم معترف بجريمته التي شاهدها الشعب كله بالصورة، بصرف النظر عن التفاصيل والأسباب التي دفعت القاتل محمد عادل إلى ارتكاب جريمته، وذهبت أوراقه إلى فضيلة المفتي وعادت خلال أيام قليلة وصدر حكم الإعدام، واعتقدنا أن الحدوتة انتهت بأن القاتل قد نال جزاؤه.

البحث عن تفاصيل في حياة نيرة أشرف لبقاء القضية في الأضواء

يوميا هناك خبر أو أكثر حول القضية، والغريب أنها تحمل تفاصيل صغيرة جداً عن حياة نيرة أشرف أو محمد عادل لا تسمن ولا تغني من جوع، بل هناك من عاد للوراء كثيرا وأتى بفيديوهات قديمة جداً عن طفولة نيرة، وعناوين لا تنتهي على شاكلة: “فيه حاجة تانية أكيد.. فيديو متداول لنيرة أشرف تستعرض مواهبها”، وعنوان يقول: “شقيقة نيرة أشرف تكشف مصير آخر راتب لطالبة المنصورة” أين الخبر في هذا العنوان ومدى أهميته للقارئ أو القضية؟ 

بل هناك من حاول فتح مسارات جديدة للقضية والإيهام بوجود شخص آخر في موقع الحادث برفقة القاتل ونشر بعنوان: “حقيقة وجود شخص مجهول كان بصحبة محمد عادل قبل قتل نيرة أشرف”، لكن خبر آخر لم يجعل هذا الشخص مجهولا وقال في عنوان جديد: “ابن خال نيرة أشرف يكشف حقيقة صاحب التيشيرت الأصفر”، ثم افتتاح فرع ثان من القضية في خبر يقول : “شقيقة “نيرة أشرف” تتعرض للتهديد : مصيرك هيبقى مصير نيرة”.

المحامون المتربعون بالدفاع عن نيرة ومحمد عادل يرفضون غلق الملف

هذه كانت أمثلة من الأخبار المتواترة عن نيرة أشرف ومحمد عادل، في صورة توحي أن هناك من يرفض غلق ملف القضية، وهو شعور واقعي منذ الحركة الاستعراضية التي صدرت عن المحامي الشهير فريد الديب بإعلانه الدفاع عن القاتل محمد عادل، بحجة أن القاضي تجاوز القانون قبل النطق بالحكم، ثم تبعه إعلان محامين آخرين الدفاع عن نيرة أشرف مثل مرتضى منصور وأبو شقة.

هل يضر سلخ الشاة بعد ذبحها؟ سؤال يقال تعليقا على أن هناك أمورا لا يمكن إعادتها إلى الوراء، وأن مهما يحدث لن يغير في الأمر شيء، ويبقى السؤال من المستفيد من استمرار قضية نيرة أشرف في الأضواء عرض مستمر، هل جيش المحامين الذين أعلنوا دفاعهم عن نيرة ومحمد السبب في استمرار الزخم الإعلامي حول القضية؟ أم أن الإعلام نفسه متهم في استمرارها حرصا منه على استمرار الاهتمام الشعبي بالقضية وركوب الترند، من خلال البحث عن خصوصيات وحكايات لن تفيد القضية ولن تغير واقع، فقط مجرد مادة صحفية لزوم النشر والبيزنس؟ 

تفاصيل اعترافات قتل شيماء جمال لم تنجح في تراجع أخبار قضية نيرة أشرف

أعتقد أن الإجابة الإثنين معا، إضافة إلى طرف ثالث ربما يكون مساهما في المشهد ولو بدون قصد، وهم أهالي نيرة أشرف ومحمد عادل على السواء، وحب الظهور عند بعض الأقارب أو المحيطين، يدفعهم إلى استخراج ما لديهم من ذكريات مع الضحية أو القاتل للإعلام، أما الطرف الرابع ربما نكون نحن جميعا كمتابعين وقراء في قفص الاتهام، لمجرد الحرص على متابعة وقراءة كل هذه الأخبار، وهو ما يعني أننا نطلب المزيد منها دون أن ندري، لإشباع رغبة النميمة ومعرفة حوادث وأسرار الغير.

الغريب أن جريمة مقتل الإعلامية شيماء جمال، هي الأخرى مشتعلة من خلال التفاصيل التي تنشر حاليا من داخل التحقيقات مع المتهم، والاعترافات التفصيلية التي أدلى بها حول الجريمة، وطريقة ارتكابها وكيفية التخطيط لها، ومع ذلك لم تطغ على استمرار قضية نيرة أشرف في الإعلام، بل إن أخبار نيرة أكثر، في النهاية الكل يربح على حساب من خسرت حياتها بمقتلها، ومن خسر كل شيء بجريمته التي لن يبررها شيء أو يغير حقيقتها تطوع ألف محامي للدفاع عن قاتل اعترف بجريمته.