محمد منير يخلع قلوب محبيه .. ليلة بكى فيها الكينج

حشد من آلاف الأشخاص بمختلف أعمارهم ومستوياتهم الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، اصطفوا وقوفًا لعدة ساعات، دون مللِِ أو كللِِ يترقبون بلهفة موعد انطلاق الحفل، خاشعة أبصارهم تجاه خشبة المسرح الذي يستقبل نجمًا طال انتظاره مدة تزيد على 10 سنوات، ليخرج إليهم كأنه فارسًا جامحًا بحصانه حاملًا بين يديه أغنياته التي طالما توارثتها الأجيال على مدار مشوار اقترب من نصف قرن، ليصبح خلالها الكينج محمد منير، صوت مصر المصنوع من طمي النيل.

 

الكبير كبير يامحمد يامنير.. هتافات حماسية في حفل الإسكندرية استقبله بها جمهوره التي تنوعت أعمارهم بين الـ 60 عامًا جاءوا محملّين بذكرياتهم مع شابًا كبروا بصوته حتى أصبح واحدًا منهم، وأطفالًا جاءوا بمستقبلهم يرقصون فوق أكتاف أباءهم ينظرون بـ فرحة إلى الكينج وسط محاولاتهم في تقليد حركة يديه الشهيرة، ينظر إليهم ابن النوبة سارحًا بخياله كأنه يرتد إلى انطلاقته الأولى التي كانت في سبعينيات القرن الماضي، ليهديهم أغنية أول ألبوماته «علموني عنيكي أسافر علموني أفضل مهاجر.. علموني أكون مسامح زي نبع الحب صافي».

«أنا جاي هنا بعد غياب 10 سنين.. معلش حفلات الساحل أخدتني منكم»، مازح جمهوره بكلماته، ليزداد حماسهم وصراخهم، يقف محبوبهم على المسرح بـ طلته الأسطورية وشعره المنكوش الذي أصبح ماركة مسجلة باسمه، يلقى بالتحية يُمنة وبالابتسامة البراقة يسارًا وبعيونه اللامعة ينظر للواقفين أمامه كأنهم يتعبدون في محرابه، يأسرهم ويخطف قلوبهم «أحلى الكلام بأحلى صوت.. حتى سكوتك حبيته موت».

 

«بيني وبينك أحزان ويعدوا.. بيني وبينك أيام وينقضوا» من كلمات أغنية شجر اللمون التي اختارها محمد منير ليشدوا بها في حفل الإسكندرية، ناعيًا من خلالها صديقه ورفيق دربه الموسيقار رومان بونكا الذي توفى في شهر يونيه الماضي، تخونه الدموع ويبكي الكينج المكلوم حزنًا على رحيل من كانوا يقفون معه كتفًا بكتف واحدًا تلو الآخر« كل شئ بينسرق مني .. العمر م الأيام والضي م النني».

بكاء محمد منير، خلع قلوب محبيه الذين دعموّه بصرخات الوله وآهات الوجع، يجلس الكينج على مقعد في مقدمة المسرح، يكفكف دموع عينيه تارة بيديه وأخرى بمنديله الأبيض، يصمت وينظر لمن حوله في دهشة كأنه يلوم نفسه على لحظات ضعفه «أنا خايف من ده فيا.. م الشكوى المدارية بالذات في الليلة ديا».

 

يسرع إليه أحد أعضاء فرقته بالمياه، تمتلئ عيونه بالدموع التي احتارت بين أن تنهمر على وجنتيه أم تبقى ساكنة متحجرة في مكانها شفقة منها على هذا الوجه الذي يتألم ولا يتكلم «ده حزن ولا وتر.. ده دمع ولا مطر».

بأخلاق الملوك، يقف ليعتذر لجمهوره بسبب حالته النفسية الصعبة كما وصفها، ينحني لهم وسط تصفيقهم المتسارع، تتحول الدموع في عينيه إلى حبات من اللؤلؤ تضئ وجه أسمراني اللون الذي جعلنا نغني للوطن ونذوب عشقًا فيه، معه نبحث عن المحبوب «هى دي الحدوتة.. حدوتة مصرية اسمها محمد منير».

 


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد