محمد رمضان .. لماذا لم يدافع “نسر تل ابيب” عن موقفه من التطبيع؟

بين الحين والآخر تتصدر قضية التطبيع مع إسرائيل المشهد، تصاحبها دائما اتهامات وردود افعال كبيرة، بدأها الكاتب والمسرحى على سالم في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، وأحياها مجدداً الفنان محمد رمضان صاحب الشعبية الكبيرة بعد تداول صورة له مع مطرب اسرائيلى.

فى عام 1979 وقعت مصر معاهدة سلام مع اسرائيل ،استردت على أثرها أرض سيناء المحتلة ،دافع الرئيس السادات عن وجهة نظره وقتها وتحمل مقاطعة الدول العربية لمصر.

كان السادات سياسياً بارعاً وصاحب رؤية مستقبلية ،ولأنه على دراية تامة بطبيعة الشعب المصرى فقد أصبح اتفاق السلام حبراً على ورق ولم يتبعه تطبيع شعبى كامل ،فقط اتفاق يضمن لأسرائيل الأمان ولمصر الأرض لكنه لايصنع أى جسور للمودة .

مع مرور الوقت تظهر الحقيقة واضحة، توقيع اتفاق سلام بين مصر واسرائيل هو قرار سياسي رسمى لتستفيد منه مصر ،تسترد الأرض وتحافظ على ابناءها وتنهى صراع كلفها الكثير من الدم والمال بحكم موقعها ودورها الأقليمى.

أما التطبيع مع العدو الصهيونى فهو قرار شعبى لذلك رفضه المصريون فكل أسرة وعائلة لابد وأن يكون لها شهيداً وذكرى مؤلمة منذ اعلان قيام دولة اسرائيل عام 1947.

بمنتهى العبقرية حافظ الوعى الجمعى المصري على هذه الفكرة، فإذا كنت مسئولاً مصرياً رسمياً فالواجب الوطنى يحتم عليك أن تتعامل مع اسرائيل لأن ذلك مع المصلحة العليا للبلاد، لكن اذا كنت مواطناُ عادياُ فلك الأختيار، وقد رفضت الغالبية العظمى من الشعب التعامل مع هذا الكيان ورفضوه .

فى اوائل التسعينيات ومع تغير الظروف الأقليمية بعد انهيار الاتحاد السوفيتى واتضاح بعض الرؤى السياسية، بدأ بعض المفكرين ممن عارضوا الرئيس السادات في السابق في طرح نفس الأفكار والدفاع عن فكرة التطبيع مع اسرائيل، كانت لهم قناعاتهم وكان على رأسهم المفكر الكبير لطفى الخولى والكاتب والمسرحى الكبير على سالم الذى قام بزيارة اسرائيل عدة مرات.

دفع على سالم كثيراً بسبب موقفه، فُصل من اتحاد الكتاب، وتعرّض لحصار في الوسط الثقافي، وظل فترة كبيرة بعيداً عن الكتابة الصحفية، إلى أن كتب مقالات قبل وفاته بفترة قصيرة في صحيفتي “المصري اليوم” و”الشرق الأوسط”.

كنت اتمنى أن يدافع محمد رمضان عن موقفه خاصة وأن صورته مع المطرب الأسرائيلى كانت في دولة الأمارات الشقيقة والتى وقعت مؤخراً اتفاق سلام مع أسرائيل،فمن حق الدولة العربية الشقيقة أن تبحث عن مصالحها ومصالح شعبها وتدافع عن موقفها ومن حق الأشقاء في الأمارات تطبيع العلاقات مع اسرائيل بشكل كامل نحن لانزايد على أحد ،الامور هناك مختلفة فلم تتعرض مدرسة بحر البقر الابتدائية في دبى للقصف الجوى وتختلط دماء أطفالها بالكراسات، ولم يستهدف الطيران الاسرائيلى عمال مصنع أبو زعبل في أبو ظبى ويسقط منهم مئات الشهداء.

كنت اتمنى ان يدافع محمد رمضان عن موقفه كما دافع الرئيس السادات عن قراره بتوقيع اتفاق سلام مع اسرائيل وتحمل مقاطعة كل الدول العربية له، أو كما دافع لطفى الخولى وعلى سالم عن قناعاتهما السياسية بالتطبيع مع الكيان الصهيونى وتحملا نتائج ذلك بمنتهى الشجاعة .

كنت اتمنى أن يدافع محمد رمضان عن موقفه بدلاً من الاعتماد على الردود الساذجة التى اعتدناها مثل “حسابى في تويتر تمت سرقته”، أو “لم أكن أعرف أنه مطرب ولا أنه اسرائيلى”، لكن في النهاية هذا ما اختاره “نسر الصعيد” لأنه بمنتهى البساطة لايملك أى موقف ليدافع عنه، يريد كل شىء وبالتالى يخسر كل شىء.

أختار محمد رمضان أن يدافع فقط عن مصلحته وينتهز الفرصة ليربح المزيد من المال، أما بالنسبة لقضية التطبيع أو اسرائيل أو أى شىء أخر فحلها من وجهة نظره سهل جداً، فالجمهور ينسى ويغفر مع الوقت ويقبل بأى مبررات،لكن للأسف هذه المرة لن يقف جمهورك معك يا “نسر تل أبيب” فهى أشياء لاتشترى.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد