خبراء الزراعة والري والبيئة والإعلام يضعون توصياتهم لمعالجة التصحر بورشة «بحوث الصحراء»

تقرير – إبراهيم فايد

أصدرت د. دينا أحمد، المنسق الإعلامي والتسويفي لمشروع حقن التربة الرملية بالطين، بيانًا أشادت فيه بورشة العمل التي أقيمت بالأمس بمركز بحوث الصحراء، تحت رعاية د. عز الدين أبو ستيت، وزير الزراعة، وتنظيم د. على عبد العزيز، رئيس مشروع حقن التربة الرملية بالطين، والتي جاءت بعنوان “تأثير التغيرات المناخية في مستقبل الزراعة المصرية”.

جدير بالذكر، أن مشروع حقن التربة الرملية بحبيبات السلت والطين الناعمة بهدف تحسين الخواص الطبيعية والكيمائية والمائية للأراضى المستصلحة حديثًا بمركز بحوث الصحراء؛ كان قد جاء ضمن مساع مصرية وعربية لمكافحة التصحر، والتوسع في مشروعات استصلاح الأراضى الرملية، ومن أجل تحقيق الإكتفاء الذاتى من المحاصيل الزراعية، ويهدف المشروع للتوصل إلى منتج يغير من طبيعة الأراضي الصحراوية الكيميائية والفيزيائية والمائية، وتحويلها لأرض خصبة وتوفير ما بين ٤٠% إلى ٥٠% من السماد وما بين ٥٠% الي ٦٠ % من مياه الرى، وفي السياق ذاته كان د. نعيم محمد مصيلحي، رئيس مركز بحوث الصحراء بالقاهرة، ود. عبدالله زغلول نائب رئيس المركز، ود. على عبد العزيز رئيس الفريق البحثي للمشروع قد أعلنوا عن السعى لتشكيل تحالف عربى لتدأول الخبرات في مجال مكافحة التصحر، ومن المنتظر أن يضم في عضويته الإمارات والسعودية والكويت والأردن بجانب مصر، وذلك بهدف تحقيق قوة عربية في مجال الزراعة والغذاء.

وكانت ورشة العمل قد خرجت بعدد من التوصيات الهامة في سياق الموضوع؛ حيث أوصى د. أيمن فريد أبو حديد -الخبير الدولي في التغيرات المناخية ووزير الزراعة الأسبق- في محاضرته بعنوان “مستقبل الزراعة المصرية في ضوء التغيرات المناخية ” بتفعيل اللجان العليا والفنية السابق تشكيلها في وزارة الزراعة لتقوم بدورها في مواجهة الآثار المحتملة على قطاع الزراعة وتنشيط المؤسسات والمعامل التابعة للوزارة ولمركز البحوث الزراعية لأداء دورها الهام والرائد في توفير المعلومات وإجراء الأبحاث الخاصة بمواجهة آثار التغيرات المناخية على الزراعة، وجاء من ضمن توصياته كذلك ضرورة الاهتمام بتنفيذ برنامج الري الحقلي لتعديل نظام الري من المناوبات إلى المستمر مع استخدام النظم الحديثة للري في كافة اراضي الوادي والدلتا وذلك لتوفير 13 مليار متر مكعب من المياة لاستخدامها في برنامج استصلاح الاراضي، على أن يتم ذلك بمعدل 600 الف فدان سنويا لاستكماله خلال 10 سنوات.
كما أكد “أبو حديد” على ضرورة إقامة برنامج قومي للتدريب على الزراعات المحمية بهدف توفير خمسة متخصصين لكل فدان من المائة ألف فدان صوب في البرنامج القومي الرائع الجاري تنفيذه، وهو ما يتيح نصف مليون فرصة عمل خلال السنوات التي يستغرقها برنامج إنشاء الصوب، وقد استدعى هذا إصدار توصية بضرورة تحديد وفصل اختصاصات وزارات الموارد المائية والري والزراعة؛ بحيث تقتصر تبعية الري الحقلي وما يتعلق به وكافة الآنشطة البحثية في مجالات الإنتاج النباتي والري الحقلي إلى وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي ومراكز الأبحاث التابعة لها، وضرورة توفير التمويل الضروري لاستمرار البحوث في مجالات إنتاج وتحسين التقاوي وتطوير السلالات المقاومة لارتفاع الحرارة والجفاف والتملح؛ وذلك بهدف التأقلم على تذبذب الطقس والظواهر الجوية الجامحة الناتجة عن التغيرات المناخية.

كما خرجت محاضرة أ.د إسماعيل عبد الجليل -الخبير الدولي في التصحر- بعنوان “أثر التغيرات المناخية على التصحر” حيث دعي خلالها لمبادرة هامة للحفاظ على الثروة الزراعية المصرية واعتبر مبادرته مثل تلك التي تمت برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي للقضاء على فيرس سي؛ حيث دعي لإصلاح ٨ مليون فدان تعاني مرض التصحر الخبيث الأكثر شراسة من فيروس سي، ودعي لمبادرة شعارها (٨ مليون صحة لأرضنا الزراعية) لعلها تنقذ صحة الأرض والفلاح.

ثم استعرض الخبير الدولي، أ.د. زكريا فؤاد فوزي محاضرته عن موضوع “الزراعة الذكية مناخيا.. نحو بيئة زراعية مستدامة” وجاء في أهم توصياته ضرورة العمل على نشر ثقافة ونهج الزراعة الذكية مناخيا في مصر، وكذلك العمل على الحد من الأثار السلبية المحتملة للتغيرات المناخية في المجال الزراعى واستخدام التقنيات والتكنولوجيات الحديثة كالزراعة الدقيقة، وإلى جانب ذلك استنباط أصناف نباتية مقاومة أو متحملة لدرجات الحرارة العالية وكذلك استنباط أصناف مقاومة للجفاف والملوحة، والعمل على إدخال محاصيل جديدة مثل إدخال أصناف محسنة من محصول الكسافا للزراعات المصرية واستخراج النشا والدقيق منه، ومن ثّمَّ إضافته إلى دقيق القمح لزيادة معدل الأكتفاء الذاتى من الدقيق وكذلك محصول الكينوا وغيرها من المحاصيل، ويراعى في ذلك زراعة المناطق الصحراوية بمحاصيل ذات احتياجات مائية قليلة وتتحمل ظروف الجفاف والملوحة، ومراقبة انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى والعمل على تقليلها وتحديد البصمة الكربونية والبصمة المائية للمنتجات الزراعية، ويتم ذلك من خلال تطبيق نهج الزراعة الذكية مناخيا، والعمل على زيادة الإنتاج الزراعى وتحسين جودتة من خلال الممارسات الزراعية الجيدة والزراعة الذكية مناخيا، والمحافظة على النظام البيئي والتنوع البيولوجى في الزراعات خاصة بالمناطق الزراعية الحديثة ومناطق المشروعات الزراعية الكبرى بالأراضي الجديدة ومشروع المليون فدان ومشروع الـ 100 الف فدان صوب زراعية، وتنشيط التعاون ودعم الآنشطة المشتركة بين الجانبين المصري والصينى خاصة في مجال التغيرات المناخية والإنتاجية الزراعية.
كما طالب أ.د زكريا فؤاد فوزي بضرورة وضع برامج تنموية زراعية تعمل من خلال التغيرات المناخية المتوقعة وتفادي آثارها السلبية والتكيف معها، وضرورة إنشاء قاعدة للبيانات وشبكة إقليمية للتغيرات المناخية لتشجيع البحوث والدراسات والتدريب في هذا المجال مع الاهتمام بالنظم المؤسسية للرصد والانذار المبكر مما يساعد في رسم السياسات الزراعية المستقبلية المشتركة، ويصاحب ذلك زيادة الوعى بقضايا التغيرات المناخية والتكيف معها والحد من أثارها السلبية المتوقعة، وضرورة التركيز على عوامل التغيرات المناخية التي تؤثر بشكل أو بآخر على مصادر المياه والزراعة، ومراقبة هذه التغيرات ووضع الخطط والسياسات المتعلقة بالتغيرات المناخية في مراحل التخطيط، بناءً على التوقعات والتنبؤات المناخية، والتوسع في استخدام تكنولوجيا الري الحديثة “الرى الذكى” التي توفر في كميات الري في الأراضى الصحراوية والمستصلحة حديثا، وأيضًا في أراضى الوادى والدلتا واستخدام أنماط الزراعات التي تعظم العائد الإنتاجي مقابل وحدة المياه المستخدمة، والعمل على استخدام التكنولوجيا الحديثة والأستشعار عن بعد في مجال المناخ والبيئة الزراعية.

وفي السياق ذاته تحدث أ.د. محمد على فهيم -مدير مركز تغير المناخ- في محاضرته بعنوان ” لماذا فعل مناخ ٢٠١٨ بالزراعة المصرية وإجراءات الحد من مخاطره” حيث جاء في أهم توصياته، أن ضرورة الحد من مخاطر التغيرات المناخية على الزراعة، يتطلب تغيير خريطة التوزيع الجغرافي للمحاصيل الزراعية، لتفادى التأثيرات السلبية على إنتاجية المحاصيل الرئيسية، فضلاً عن تقليل الاحتياجات المائية، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، مشيرًا إلى أن تكيف القطاع الزراعى في مصر مع تغير المناخ، يتطلب اتخاذ خطوات جادة ودعماً للجهود في مجال البحث العلمى، كتغيير مواعيد الزراعة والممارسات الزراعية، واستنباط أصناف جديدة من المحاصيل وتحسين كفاءة نظام الرى السطحى في الأراضى القديمة من أجل التغلب على الآثار السلبية لتغير المناخ، ولهذا تسعى المؤسسات إلى تحقيق مستوى من الوعى للمزارعين بتغير المناخ وتدابير التكيف المحتملة، بهدف زيادة مستوى الوعى في المجتمعات الريفية، وبناء القدرات في مصر بصفة عامة ومناطق الاستصلاح الجديدة بصفة خاصة، وأضاف أن هناك حاجة ماسة لوضع منهجية علمية لدراسة آثار تغير المناخ على الآنشطة الزراعية، وتعزيز التعاون وتبادل المعلومات بين الإدارات من مختلف الوزارات والمؤسسات البحثية والجامعات المختلفة، وإنشاء شبكة مع مصادر المعلومات الوطنية والدولية، وقاعدة بيانات على الإنترنت لتقديم معلومات مفيدة لأصحاب المصلحة الوطنية والدولية والجمهور.
أما عن الأمراض والآفات وخاصة العابرة للحدود فإن أنظمة التنبؤ بالأمراض سيكون لها دورا فعالا جداً خلال هذه السنة لتوقع قيام «الدورة» الأولى من هذه الإصابات، ويتطلب ذلك أيضًا تنفيذ الاعتبارات والمتطلبات العلمية لمراقبة الآفة في مصر بشأن مكونات وأنشطة حملات التوعية بشأن أعراض الإصابة، والكشف المبكر والسيطرة، بما في ذلك إعداد قائمة بالمبيدات الموصى بها، وطرق تطبيقها المناسبة، وتقييم أصناف المحاصيل المقاومة/المتحملة للاصابة؛ وكذلك اقتراحات تقليل المخاطر وخيارات الرقابة، تحديد المواقع الجغرافية المناسبة لمراقبة الآفة وتحديد “نقاط مراقبة نشطة” وخاصة في الجنوب الشرفي لمصر والمناطق حول بحيرة ناصر وعلى اعماق محيطية من خط الحدود والاتجاه شمالا حتى المناطق الزراعية الكثيفة باسوان توشكى غرباً باتجاه شرق العوينات والمناطق الزراعية بالوادي الجديد، وطالب كذلك بضرورة توفير نظام للرصد والإنذار المبكر الملائم لدعم القدرة على الكشف السريع لغزو الآفات الجديدة، لا سيَّما في المناطق التي قد تكون مهددة من قبل الآفة أو يتوقع دخول الآفة من خلالها (مثل الحدود الجنوبية الشرقية بالتحديد)، وأن يتم العمل بالتوازي مع ذلك على تحسين ونشر نتائج التنبؤ بملائمة الظروف المناخية لانتشار هذه الآفة باستخدام بيانات المناخ التاريخي في مصر ومنطقة شمال أفريقيا، وخاصة فيما يتعلق بالتغيرات المناخية التي قد تحدث في المناطق الزراعية المختلفة.
وقد طالب أ. د محمد على فهيم أن يتم تصميم برنامج مكافحة متكاملة IPM، العمل على صياغة وبناء برنامج مكافحه متكامل للآفة، يشمل دراسة تأثير درجة الحرارة بالارتفاع والانخفاض على الآفة من حيث دورة حياتها وعدد أجيالها. وتأثير الرطوبة النسبية على دورة حياة الآفة، مشيرًا إلى ضرورة دراسة العلاقة بين الظروف المناخية السائدة وتوزيع الآفة بالمناطق المختلفة من مصر وعلاقة الظروف المناخية بزيادة الإصابة أو شدتها في فصول معينة من السنة، والتعرف على العلاقة بين الظروف المناخية ونشاط الأعداد ونشاط الأعداد الطبيعية للآفة من حشرات مفترسة أو متطفلة، وأخيرًا تصميم برامج للتدريب والتوعية وخاصة لاصحاب الحيازات الصغيرة من المزراعين وإعداد مواد تدريبية لمساعدة المزارعين والتعرف على الآفة من جميع الجوانب البيولوجيا والمظهرية والبيئية وأفضل الممارسات لإدارتها.

وفي النهاية ألقت الباحثة رشا أحمد عبد العزيز -باحثه دكتوراة بالإعلام البيئي والمنسق الإداري للمشروع- محاضرتها عن “التغيرات المناخية الأسباب والنتائج وأثرها على الأمن الغذائي في مصر”، وتناولت توصياتها ضرورة وضع استراتيجية إعلامية شاملة لتناول القضايا البيئية وخصوصا المشكلات العالمية مثل التغيرات المناخية والتصحر ومختلف قضايا التلوث البيئى، وذلك بهدف وعي مستمر لتغيير السلوك البيئي باعتبار وسائل الاعلام هى من أهم وأسرع الوسائل تأثيرا في سلوكيات المواطنين، مع العمل على إنشاء بنك للمعلومات البيئية يتم تحديث بياناته أولا بأول، ويشرف عليه فريق من المتخصصين في المجال البيئي حتى يستطيع الإعلامي البيئي إستقاء المعلومات من مصدر موثوق به، ومنع نقل معلومات خاطئة، كما أشارت إلى أهمية أن يتحلى الإعلامي البيئي بثقافة بيئية وعلمية وتراثية وتاريخية واسعة، ليكون عمله مؤثراً ودوره فاعلاً وليس مجرد ناقل للأخبار، التدريب المستمر للعاملين بالإعلام البيئى وإتاحة المشاركة لهم باللندوات وورش العمل والبرامج التدريبية لبناء معرفة تراكمية لديهم في مجال علوم البيئة حتى يتمكنوا من أدواتهم وامتلاك القدرة على اقناع الجمهور.
كما نادت “عبد العزيز” بتخصيص الميزانيات المالية اللازمة للقيام بانشاء مؤسسات للإعلام البيئي في مصر والعمل على صدور المجلات البيئية والنشرات والتي توقف اغلبها لأسباب مالية، وترسيخ فكرة التخصص في الإعلام وأن هناك إعلام بيئي قادر على تناول قضايا البيئة وأن يتمتع العاملون به بالمعرفة بأساسيات علوم البيئة من مصطلحات ومشكلات، وأخيرصا طالبت بتناول الأحداث البيئية بموضوعية ومهنية، وتجنب تهويل الأحداث وإثارة فزع الجمهور، حتى لو كان الحدث خطيراً، وعدم التسرع في نشر أى معلومات والإنتظار حتى تتكشف حقائق الأمور، وضرورة مراعاة الأبعاد السياسية والإقتصادية والسياحية للأحداث ” فلا ينبغي مثلاً أن يطرح موضوع تلوث مياه الشرب في الصحف وشاشات التلفاز في الموسم السياحي ” وإذا ما تم طرحه فيجب ذكر الإجراءات الاحتياطية والوقائية، التي تتخذ لمعالجة أية قضية يتم تناولها إعلاميا.

واختتمت الورشة، مساء أمس الأحد، بتكريم عدد من أبرز الخبراء المصريين في مجال بحوث الأراضى والري والمياه ومكافحة التصحر، وكان من بينهم أ.د. سيد خليفة نقيب الزراعيين ومدير مكتب اكساد بالقاهرة، وأ.د. نعيم محمد مصيلحي رئيس مركز بحوث الصحراء، وأ.د. عبد الله زغلول نائب رئيس مركز بحوث الصحراء للمشروعات والمحطات البحثية، وأ.د. صفي الدين محمد نائب رئيس المركز للبحوث والدراسات، ود. ياسر عبد الحكيم أستاذ مساعد بمركز بحوث الصحراء، ود. حامد عبد الدايم المتحدث الإعلامي لوزارة الزراعة، وأ. محمود الأعرج المنسق الإعلامي بالوزارة، وبحضور لفيف من الضيوف والمشاركين من كافة المراكز والمعاهد البحثية.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد