«حروف منثورة» تقود عجلة الزمن للثمانينات عبر إحياءها مشروع سلاسل الجيب!

حوار صحفي|
«حروف منثورة» تقود عجلة الزمن للثمانينات عبر إحياءها مشروع سلاسل الجيب!

سلاسل حروف منثورة للجيب

 

حوار – إبراهيم فايد

صباح جديد بإنجاز بليغ بديع على غير العادة في عالم أدبنا العربي المعاصر، والذي بات في الآونة الأخيرة -وتحديدًا العقدين الأوليين من الألفية الثالثة- مرتعًا لسفاسف الفكر ووكرًا لمستحدثات مِدادٍ ما أنزل العقل بها من سلطان، إلا أن إنجازنا اليوم هبط على قلوب القراء والمبدعين كما الغيث وقد ربَتْ على جنباته بساتين الأدب ودواوين القرطاس والقلم…

حوارنا اليوم حول مجموعة سلاسل الجيب الصادرة عن دار حروف منثورة للنشر والتوزيع، ومَن مِنَّا -أبناء الثمانينيات وما تلاها وما دناها- لم تتفتح عيناه على سلاسل كتيبات الجيب لعمالقة الرواية والقصة القصيرة الذين لطالما رَوَّضُوا مخيلاتنا بأقلامهم وعشنا مع حكايا أعمالهم سنين طوال نرقب أحداثًا وشخوصًا بعينها، نتابعها ونتعلق بها بعد أن أثَّرَت فينا وأثْرَت شخصياتنا بسماتها وصفاتها الحسنة، ودون الخوض في تفاصيل كثيرة دعونا لنصطحب الكاتبة القديرة “صفاء العجماوي” في حوار مثمر حول مشروع سلاسل الجيب والذي شاركت في ظهوره للنور مع “مروان محمد” الأديب والكاتب الكبير ومؤسس الدار:

 

  1. في البداية، وبعد تعريف قراءنا بنفسِك، أرجو لو أعطيتينا نبذة سريعة عن مشروع سلاسل الجيب الذي ظهر للنور مؤخرًا -تحت إشراف ورعاية مباشرة من حضرتك- متى وكيف بدأت الفكرة، وأنواع السلاسل وسر تسمياتها؟ 

    الكاتبة صفاء حسين العجماوي، مصرية، حاصلة على بكالوريوس العلوم تخصص كيمياء وفيزياء من جامعة القاهرة، ودبلومة الدراسات العليا الإسلامية، ودبلومة ترميم الآثار من جامعة القاهرة، وحاليًا أعد رسالة الماجستير في ترميم الآثار الحجرية، وأعمل باحثا كيميائيا، لي 13 عمل مطبوع منها على سبيل المثال: روايات خارج الأسوار، وفي ضيافة آجاثا، وعودة راسبوتين، وحوالي 25 عمل إلكتروني منها على سبيل المثال: المجموعة القصصية من وحي القلم، وميكروفيكشن.
    مشروع سلاسل حروف منثورة للجيب كانت بدايته فكرة شغلت بالي لسنوات طويلة، ولكن تحديدًا منذ 5 سنوات بدأت في التحدث عن إعادة إحياءها سواء في لقاءاتي التلفيزيونية، أو مقالاتي الصحفية، ومع الكثير من الكتاب، وأصحاب دور النشر، واستقر الوضع بالاتفاق مع دار حروف منثورة للنشر والتوزيع لترعي هذا المشروع  الذي
    يشمل عدد 9 سلاسل قابلة للزيادة مستقبلًا وهي:-
    * سلسلة بيوم للفانتازيا، وهي سلسلة خاصة بي
    * سلسلة الأيارو للفانتازيا
    * سلسلة مرصود للرعب
    * سلسلة أكوان للخيال العلمي
    * سلسلة رواة التاريخية
    * سلسلة سباي للأكشن
    * سلسلة بذور للناشئة
    * سلسلة لوتس للأطفال
    * سلسلة كولاج للمنوعات
    والسلاسل موجهة للفئة العمرية من 14 لـ22 سنة ما عدا سلسلة لوتس من عمر 8 لـ10 سنوات وبذور من 10 سنوات لـ15 سنة، وتتميز السلاسل بعدم تقيدها بكاتب واحد -ماعدا سلسلة بيوم- أو قصة واحدة متاحة لعديد من الكتاب القدامى والجدد المشاركة ليعطى زخما وتنوعا يثري القارئ، أما عن سر التسمية فلم نعتمد نظاما ثابتا للتسمية ولكن هناك أسماء قبطية مثل “بيوم” وهو الاسم القديم لمدينة الفيوم ويعنى أرض البحيرة، وأسماء مصرية قديمة مثل “الأيارو” وهو اسم الجنة التي ستعيش بها أرواح الأنقياء بعد البعث والميزان، وغيرها تبعًا لنوع السلسلة.
     

  2. بإطلالة سريعة، يتبين للقارئ ما تحتكره الفانتازيا من اهتمام مُبالَغ فيه ضمن هذه السلاسل؛ حيث استحوذت على سلسلتين بأكملهما ناهيك عن سلاسل الخيال العلمي والرعب وما قد يتداخل فيهما من فانتازيا أيضًا.. فـ -على اعتبار عشقك للفانتازيا- هل لكِ يد في تصنيف السلاسل بهذا الشكل؟ وألا ترين أن فرض لون أدبي بعينه على القراء يعتبر مخاطرة غير محسوبة في أول إصدار للمشروع؟

    مبدئيًا لم يكن مخططا إلا صدور سلسلة واحدة خاصة بالفانتازيا غير أن دار النشر ارتأت أن تكون لي سلسلة خاصة إضافية نظرًا لكثرة كتاباتي لهذا اللون الأدبي ولكثرة متابعيَّ فيه، كما أن البوب فيكشن pop fiction -وهومصطلح يعنى الأدب الشعبي أو الألوان الأدبية الأكثر رواجًا- ينقسم إلى رعب وخيال علمي وفانتازيا وأكشن وهو الأكثر انتشارًا بين الشباب والمراهقين، وبالتالي فهي لا تعد مخاطرة ولا فرض نوع معين على الشباب. 
  3. رأيت مؤخرًا الكثير من الكتيبات الثقافية والأكاديمية مثل كتيبات القانون التي توزعها نقابة المحامين وغيرها، لكن بالنسبة للسلاسل التربوية والتاريخية والعلمية، كيف جاءت فكرة نشرها وهي مجالات بعيدة تمامًا عن عوالم الأدب الشائعة مؤخرًا؟ 

    نحن بحاجة إلى ابتكار وسائل جديدة لإيصال المعلومات التاريخية والعلمية للنشء وتربيته بشكل لطيف لا يسبب ضغطا عليهم أو يكون وعظيا مباشر كالحصص المدرسية، لذلك وجدت أن دمجها في حبكات كتيباتنا لتكن في شكل روائي محبب يسهل استساغته وهضمه ويثير نهمهم للبحث عما وراء المعلومة، وقد أجريت تجربة منذ سنوات بنشر أعمال إلكترونية لنفس النهج وقد أتت ثمارها. 

  4. نقطة إدارية بحتة|
    رغم كل التوقعات -وحتى تصريحات مؤسس الدار أ. مروان محمد- حول عدم التربح من هذه السلاسل، فهل ترونها صفقة مجدية فكريًا ومعنويًا بالقدر الذي يغني عن تعويض الدار ماديًا؟ أَم أن الدار تحملت الخسارة المادية بأولى إصداراتها على أمل التعويض في السلاسل اللاحقة حال نجاح المشروع وجذب متابعين؟

    ليس لي أى علاقة بالجانب المادي والتربح بالكتيبات فهذا شأن خاص بالدار، ولكن عند بداية اتفاقي معهم تعاهدناعلى جعل سعرها في متناول الجميع كما كانت روايات المصرية للجيب في طفولتنا، وذلك لنربي أجيالا على حب القراءة والمساهمة في تنشأتهم بشكل يخلق جيلا مثقفا واعيا، ولقد التزمت الدار بكلمتها معي، وهذا مدعاة للفرح في ظل أزمة ارتفاع أسعار الطباعة. 
  5. قرأت الكثير من الإشادات حول السلسلة التربوية، فهل تستهدفون بها القراء من سن الطفولة والنشء، أَم أنها بمثابة كبسولات أكاديمية للأمهات ومسؤولي الكيانات التربوية؟

    الفئة المستهدفة الأساسية هم النشء، ولكن هذا لا يمنع أن تكن بمثابة مرشد للأمهات في تربيتهم لأبنائهم. 
  6. هلا أعَدَّت الدار خطة تسويقية خاصة لتوزيع الأعمال التربوية بالتعاون مع مدارس ودور حضانة أو حتى ترجمة مضمونها لرسوم جرافيكية متحركة تناسب وتجذب الأطفال، أَم أن تسويقها لا يتطلب تنسيقًا مغايرًا لتوزيع الروايات والكتب والموسوعات …إلخ؟

    تعد سلسلة “لوتس” مرحلة وسطى بين كتب الآطفال دون السابعة ذات الصور المبهجة بالألوان وكتب المراهقين الخالية من الرسوم حيث يحتوى الكتيب على مزيج من الإثنين كمرحلة انتقالية بينهما، كما تجرى الدار حاليا خطة تسويقية لسلستي “بذور & لوتس” بشكل يتناسب مع الهدف منهما. 
  7. ونحن على ناصية ٢٠٢٢م وما تعنيه من حداثة الطباعة والنشر والتوزيع|
    بمنتهى التفاؤل أتساءل: إلى أي مدى تتوقعين استيعاب سوق القراءة المصرية والعربية لفكرة الكتيبات الأدبية رغم اختفاءها منذ عقدين تقريبًا؟

    أعتقد أنها ستجد رواجًا بشكل يتزايد تصاعديًا مع الزمن، فمنذ الإعلان الأول عنها وحتى الآن نستقبل طلبات متزايدة عليها. 
  8. بعيدًا عن الفانتازيا والرومانسية والرعب وأدب التأليف وهواية الكتابة بشكل عام، هل راعت الدار فكرة التخصص الأكاديمي لدى كُتَّابها لا سيَّما فيما يتعلق بكتابة السلاسل المتخصصة وعلى رأسها التربوية والعلمية؟

    بالتأكيد، فكل عمل يتم مراجعته مراجعة متخصصة حتى لا يتم إمرار معلومات خاطئة أو أفكارا مضللة عبر كتيباتنا. 
  9. هل تنوين المشاركة في السلسلة العلمية ببعض خلفياتك الثقافية والأكاديمية في ترميم الآثار ودراسة العلوم بشكل عام؟

    تم ذلك بالفعل في العدد الأول من سلسلة كولاج المسمى “كايميرا” حيث تناولنا في مقالاتنا دراسات أثرية وعلمية كما أن قصة العدد تعد من أدب الخيال العلمي، أيضاً العدد الأول من سلسلة “أكوان” المعنون بـ”المعمرون” يتناول شرحا مبسط لنظريات الانفجار العظيم ونشأة الأجرام السماوية والتعريف بالمادة والمادة المضادة والمادة المظلمة وغيرها من أساسيات علوم الكونيات والفلك والجسيمات دون الذرية. 
  10. رأينا الإعلان عن سلسلة خاصة بالأكشن، ولكن أين الأدب البوليسي من كل هذه السلاسل رغم ارتباطًه الوثيق بفكرة الكتيبات أكثر من الأكشن والتربية على سبيل المثال؟

    يعد الأكشن والأدب البوليسي متلازمان، ولذلك فإن سلسلة سباي للأكشن تحتوى كتيبات بوليسية كذلك. 
  11. لماذا لم يشارك أ. مروان محمد في أول إصدار لهذه السلاسل.. وهو مؤسس الدار وشريك الفكرة والطموح؟!

    إن كتابات أ. مروان تتجاوز الفئة العمرية المستهدفة من هذه السلاسل، لذلك فهو لا يشارك معنا بكتاباته ولكن يشاركنا في عمليات الإخراج الفني للكتيبات وما يتبعها من عمليات أخرى، ولكن إن أرسل إلى لجنة القراءة عملا موجها للفئة العمرية الخاصة بسلاسلنا سيتم تقييمه لتحديد مدى مناسبته كبقية الأعمال المرسلة إلينا. 
  12. هل تُصَنِّفين إعادة نشر بعض أعمالك السابقة مرة أخرى ضمن هذه السلاسل، فقرًا أدبيًا أَم ضيق وقت أَم تحيزًا ضد مشاركات كُتَّاب آخَرين، أَم باعتبار المشروع طموحك الشخصي فوددتي المشاركة فيه بأفضل أعمالك.. وإن كانت مكررة؟

    ضيق وقت لانسحاب بعض الكتاب خاصة بعد الإعلان عن المشروع! 
  13. مع كامل تقديري، ألا ترين عنونة خمسة أعمال باسمك فقط -من جملة ثمانية أعمال- أمرًا مريبًا قد يستغله البعض للتقليل من شأن تعاوُن الكُتَّاب مع الدار؟ وهل يتكرر هذا الأمر في السلاسل اللاحقة، أَم أنها مجرد مبادرة منكِ لتحريك الماء الراكد في البداية؟ 

    لقد واجهتنا في البداية عدة مشاكل منها تخلف بعض الكتاب عن إرسال أعمالهم لأسباب عديدة، إلى جانب عدم التوفيق للحصول على أعمال لكتاب جدد تكون مناسبة لفكرة السلاسل، ونظرًا لتخوف العديد من الكتاب لفشل الفكرة وخسارة أعمالهم مما يتطلب إعادة نشرها بشكل جديد قد لا يجد القبول كروايات مستقلة، ولأني صاحبة المشروع ومديرته آثرت أن أشارك بأعمالي وبالتعاون مع الكاتبة القديرة منال عبد الحميد والكاتب المثقف نائبي محمد رضا لتحريك الماء الراكد كبداية فقط وقد آتت الفكرة ثمارها. 

  14. هل فتحتم باب المشاركة لعموم الكُتَّاب؟ وهل تلقيتم مشاركات عديدة أَم لا؟ 

    تم فُتِحَ الباب وبدأت تتوافد أعمال لكتاب قدامي وجدد للمشاركة في سلاسلنا الثمانية بكثافة أجهدت العاملين في الدار ولجنة القراءة، ولا زلنا نستقبل سيلا من المشاركات التي تقوم لجنة القراءة بتقييمها حاليا. 

  15. أخيرًا، ومع احترام كافة الآراء والأذواق، بماذا تَرُدِّين على مَن انتقدوا فكرة الكتيبات وأنها -وإن لاقت استحسان أبناء الثمانينيات والتسعينيات- ليست بالضرورة تلقى نفس الاهتمام من أجيال الحداثة التقنية وما بعد الألفية الثالثة؟ 

    هي تجربة مطورة عن فكرة قديمة آتت ثمارها ونرجو نجاحها الذي شاهدنا إرهاصاته في طلبات الشراء والسؤال عن خرائط توزيع الكتيبات، ونسأل الله التوفيق والسداد.

 

 

ختامًا، لا يسَعُني إلا التوجه بخالص الشكر والتقدير لضيفة حواري الكريمة، متمنيًا التوفيق والسداد لها والقائمين على مشروع سلاسل الكتيبات ولكل مَن يسهم بطريقة أو أخرى في نهضة أدبنا العربي والحفاظ على تراثنا الأصيل -بمظهره وجوهره- ليُحيِي فينا ذكريات طفولة ومراهقة لم يكن ليجود الزمان بمثلها لولا هكذا مشاريع صاغتها أنامل وضمائر عظيمة بِحَقٍّ عِظَمَ الأدب العربي وتاريخه التليد.

#إبراهيم_فايد


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد