حنكوراب جوهرة البحر الأحمر المهددة.. بين الاستثمار البيئي وحماية التنوع البيولوجي

 

وسط المياه الفيروزية والرمال البيضاء الناعمة، يقبع شاطئ حنكوراب ، أو كما يُعرف بشرم اللؤلؤ، كواحد من أجمل الشواطئ في العالم. يقع الشاطئ داخل نطاق محمية وادي الجمال بمرسى علم، جنوب البحر الأحمر، ويتمتع بتنوع بيولوجي فريد يجعله موطنًا أساسيًا للشعاب المرجانية والسلاحف البحرية المهددة بالانقراض.

لكن مؤخرًا، تحول الشاطئ إلى محور جدل واسع بعد قرارات مفاجئة بإيقاف الزيارات إليه، وسط مخاوف من مشاريع تنموية غير مدروسة قد تؤدي إلى تدمير بيئته البكر.

حوار مجتمعي لإنقاذ حنكوراب

استجابة للجدل الدائر، نظّمت الشبكة العربية للبيئة والتنمية “رائد” وجمعية المكتب العربي للشباب والبيئة حوارًا مجتمعيًا حضرته وزيرة البيئة الدكتورة ياسمين فؤاد، ورئيس جهاز شؤون البيئة الدكتور علي أبو سنة، بجانب ممثلين عن المجتمع المدني وخبراء بيئيين وإعلاميين.

أكد الدكتور عماد عدلي، رئيس المكتب العربي للشباب والبيئة، أن الحوار يهدف إلى توضيح الصورة الكاملة حول مستقبل المنطقة، بما يضمن استدامة المحمية وزيادة العوائد الاقتصادية دون الإضرار بالنظام البيئي.

حوار مجتمعي لإنقاذ حنكوراب

بداية الأزمة.. قرارات مفاجئة ومخاوف مشروعة

في 9 مارس الماضي، قرر الاتحاد المصري للغرف السياحية إيقاف الزيارات إلى الشاطئ دون إنذار مسبق. وبينما أرجعت وزارة البيئة القرار إلى ضرورة إعادة تقييم ممارسات الإدارة، حذّرت منظمات بيئية من أن الشاطئ يواجه خطرًا حقيقيًا بسبب التعديات غير القانونية ومشاريع البناء غير المرخصة.

الدكتور عاطف كامل، خبير الحياة البرية وعضو اللجنة العلمية لإتفاقية سايتس، أكد أن غياب الحماية البيئية قد يؤدي إلى كارثة، خاصة مع التعديات التي تهدد الشعاب المرجانية الهشة والسلاحف البحرية.

رؤى متباينة حول التنمية البيئية

بينما يرى البعض أن تطوير المنطقة قد يوفر فرصًا سياحية واقتصادية جديدة، يؤكد الخبراء ضرورة التوازن بين الاستثمار والحفاظ على البيئة. الدكتور مصطفى فودة، الخبير البيئي في المحميات الطبيعية، شدد على ضرورة احترام خطط إدارة المحميات، مطالبًا بإنفاذ القوانين لضمان الاستدامة.

أما الدكتور مجدي علام، الخبير البيئي، فأشار إلى أهمية الاستفادة من التجارب الدولية، مستشهدًا بنجاح دول مثل سويسرا في تحقيق دخل اقتصادي مرتفع من محمياتها الطبيعية رغم تنوعها البيولوجي المحدود مقارنة بمصر.

أوضح د. عاطف كامل، خبير الحياة البرية، أن شاطئ حنكوراب يُعد موطنًا حيويًا للسلاحف البحرية المهددة بالانقراض، وأن أي تدخل غير محسوب قد يؤثر على بيئة المنطقة البحرية. كما حذرت منظمات بيئية من مخاطر البناء العشوائي والسياحة الجماعية غير المنظّمة التي قد تدمر الشعاب المرجانية الهشة.

من ينقذ حنكوراب جوهرة البحر الأحمر

رد وزارة البيئة.. لا إنشاءات خرسانية داخل المحمية

أكدت وزيرة البيئة أن أي مشروع جديد يخضع لدراسة تقييم أثر بيئي شاملة، نافية وجود مخططات لإقامة فندق يضم 300 غرفة، كما ترددت بعض الأقاويل. وأوضحت أن المخطط يقتصر على إنشاء “نُزل بيئي” وفق المعايير الدولية للاستثمار البيئي المستدام.

كما أشارت الوزيرة إلى مشاريع تطوير المحميات الأخرى، مثل تنفيذ منازل بيئية للسكان المحليين، وتطوير مراكز الزوار بمحمية نبق ورأس محمد، وإنشاء مخيمات بيئية بوادى الريان، وغيرها من الخطوات التي تعزز السياحة البيئية دون المساس بالتوازن البيئي.

التوصيات.. خارطة طريق لحماية حنكوراب

خرج الحوار بعدد من التوصيات أبرزها:
– تشكيل مجموعة عمل علمية من خبراء البيئة والمجتمع المدني لمتابعة ملف المحميات.
– تنفيذ زيارة ميدانية إلى المحمية لمعاينة الوضع الحالي.
– وقف أي أعمال إنشائية لحين الانتهاء من الدراسات البيئية.
– إتاحة دراسات تقييم الأثر البيئي بشفافية على موقع وزارة البيئة.
– إطلاق حملة إعلامية للتوعية بأهمية المحميات الطبيعية وخطورة التعديات عليها.

من ينقذ حنكوراب جوهرة البحر الأحمر؟

رسالة إلى الرئيس.. نداء لإنقاذ التراث البيئي

اختتم المشاركون اللقاء ببرقية إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، ناشدوا فيها التدخل العاجل لحماية شاطئ حنكوراب، مؤكدين أن استمرار التعديات يمثل خطرًا جسيمًا على النظام البيئي الفريد، ويهدد مستقبل السياحة البيئية في مصر.

وجاء في البرقية: “نضع بين أيديكم هذه القضية التي تمس سمعة مصر البيئية ودورها الريادي في حماية التنوع البيولوجي، ونتطلع إلى تدخلكم الحكيم لضمان الحفاظ على هذا الإرث الطبيعي للأجيال القادمة”.

بين التنمية والحماية

تبقى قضية شاطئ حنكوراب نموذجًا لصراع متجدد بين الاستثمار البيئي وحماية الطبيعة. وبينما تسعى الدولة لتعزيز مواردها الاقتصادية، فإن الحفاظ على كنوزها البيئية يجب أن يظل أولوية، لضمان استمرارها كوجهة للسياحة البيئية المستدامة، وكملاذ آمن للحياة البحرية المهددة بالانقراض.


قد يهمك:

عن الكاتب:

تليجرام فيسبوك الاتصال بنا من نحن الخصوصية فريق العمل حقوق الملكية EN

جميع المحتويات المنشورة على موقع نجوم مصرية تمثل آراء المؤلفين فقط ولا تعكس بأي شكل من الأشكال آراء شركة نجوم مصرية® لإدارة المحتوى الإلكتروني، يجوز إعادة إنتاج هذه المواد أو نشرها أو توزيعها أو ترجمتها شرط الإشارة المرجعية، بموجب رخصة المشاع الإبداعي 4.0 الدولية. حقوق النشر © 2009-2025 لشركة نجوم مصرية®،جميع الحقوق محفوظة.