البيئة تكشف أسرار “تريند قطع الأشجار” … وجلسة حوار وطني توصي بإعادة النظر في تنفيذ مبادرة ١٠٠ مليون شجرة
ما هي حقيقة “تريند قطع الأشجار”، وصور مذابح الأشجار التي أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي في الأسابيع الأخيرة؟ وما الحدود القانونية لجريمة قطع الأشجار في حال عدم وجود مبررات قانونية لذلك؟ وماذا عن مبادرة 100 مليون شجرة التي دعا إليها رئيس الجمهورية؟ هل نحن نزرع الأشجار أم نذبحها؟ أين الحقيقة في تريند أثار غضب وسخط الرأي العام المصري وسط أجواء صيفية شديدة السخونة ودرجات حرارة بلغت 50 درجة مئوية في بعض المحافظات وفي مناخ نحتاج فيه إلى ظل شجرة ترحمنا من لهيب قسوة أشعة الشمس…
تساؤلات كثيرة طرحتها مبادرة الحوار الوطني حول المسئولية المشتركة في تعزيز وتسريع تنفيذ مبادرة الـ 100 مليون شجرة، الذي نظمته وزارة البيئة بالتعاون مع المكتب العربي للشباب و البيئة والمنتدى المصري للتنمية المستدامة، تحت عنوان “مبادرة ١٠٠ مليون شجرة مسئولية مشتركة… فلنعمل جميعا من أجل الاستمرار في تحسين واستدامة بيئتنا”، بمشاركة النائب أحمد السجينى رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب وعدد من نواب مجلسي النواب والشيوخ وممثلي الوزارات المعنية وعدد من الخبراء والمتخصصين في مجال البيئة والجمعيات الأهلية والمراكز البحثية والعلمية المتخصصة والجامعات، ونقابة الزراعيين.
وزيرة البيئةأكدت وزيرة البيئة، الدكتورة ياسمين فؤاد على أهمية الحوار الوطني في قضية بأهمية قضية التشجير، بمشاركة مختلف أصحاب المصلحة، موضحة أن أساس العمل البيئي رحلة تشاركية بين كافة الأطراف، سواء الدولة أو المجتمع المدني أو المواطن، والهيئات الاستشارية والإعلام، بما يصب في مصلحة المواطن، خاصة في ضوء دينامكية العمل البيئي خلال السنوات الماضية، وما يواجهه من تطورات متلاحقة، نتيجة رد الطبيعة على ما يقوم به الإنسان من تصرفات غير مسئولة تجاهها، خاصة مع تواتر المستجدات والتحديات البيئية العالمية، بما يزيد من حدة المخاطر، وهذا يتطلب زيادة الوعي لتحقيق التوازن البيئي.
وأشارت فؤاد، أن مصر تعرضت خلال السنوات الأخيرة لتقييمات محايدة من منظمات دولية في مجالات البيئة والنمو الأخضر، ومنها تقرير التحليل البيئي للبنك الدولي الذي اعتمد على بيانات مصرية حقيقة الوضع البيئي المصري، وأيضا تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD حول مراجعة سياسات النمو الأخضر في مصر، وآخرها كان تقرير جامعة أكسفورد عن تطور سياسات الدول في ملف التحول الأخضر ولا سيما في مجال تغير المناخ في ٩٠ دولة منها مصر، الذي يقيم التغيير من خلال نسبة وعي المواطنين، حيث أشار التقرير إلى زيادة نسبة وعي المواطنين في مصر بنسبة ٨٥٪ من ١٠ سنوات، خاصة في مصطلحات الطاقة الجديدة والمتجددة وكفاءة الطاقة والتصحر، وزيادة مشاركات الشباب في مبادرات تغير المناخ.
ويأتي التشجير ضمن جهود مصر في خفض الانبعاثات لتحسين الوضع البيئي، حَسَبَ ما ذكرت فؤاد، حيث عرضت
ما تم إنجازه في مبادرة ١٠٠ مليون شجرة بزراعة ١٢.٤ مليون شجرة خلال عام ونصف في ٢٧ محافظة من وزارات البيئة والتنمية المحلية والإسكان والمجتمعات العمرانية، إلى جانب نسب خفض الانبعاثات والجسيمات العالقة والضوضاء نتيجة تحقيق السيولة المرورية في شرق القاهرة.
ومن جانبه، أكد الدكتور عماد عدلي على أن الهدف من الحوار هو توضيح المسؤولية المشتركة في تحسين واستدامة البيئة والمشاركة في تنفيذ مبادرات الدولة كالمبادرة الرئاسية “١٠٠ مليون شجرة “، ثم أن مصر لديها كثير من المبادرات وأنشطة المجتمع المدني في مجال التشجير، وجهودها في منع تجريف الأراضي الزراعية، مشيرًا إلى انه قد توجد هناك أخطاء في حق البيئة من قبل بعض الأشخاص غير المسؤولين وهذا ما سيتم مناقشته خلال الحوار،
واستنكر عدلي بعض الممارسات على مواقع التواصل الاجتماعي بنشر معلومات مغلوطه دون الاستناد إلى حقائق وهو ما يثير البلبله بين المواطنين، مؤكدًا انه لابد أن نتكاتف معا من أجل الإصلاح، وتنمية الوعى، ووجود قانون، ونظام لمواجهة المشكلة.
القطع العشوائي
ورغم جهود مصر في تحسين البيئة وتخفيف الانبعاثات، يبقى السؤال عن حقيقة قطع الأشجار؟ وهنا تحدث الدكتور سيد خليفة نقيب الزراعيين بمصر عن المبادرات والجهود التي تقوم بها الدولة في زراعة الأشجار، منها زراعة 2 مليون نخلة في توشكى، وأيضا مبادرة 100مليون شجرة، ومبادرة اتحضر للأخضر، حيث تعد مصر تعد من الدول التي تكافح التصحر، وان كانت هناك بعض عمليات قطع الأشجار كانت لها ضرورة حتمية وليس قطع عشوائي، مثال ما حدث في حي المنيل من إزالة لبعض أشجار النخيل نتيجة إصابتها بالسوس، مشيرًا إلى ضرورة تنفيذ برامج تدريبية لرفع قدرات العاملين بالإدارات المحلية لصيانة ورعاية الأشجار.
وفيما يتعلق بعلاقة قطع الأشجار بارتفاع درجات الحرارة، يقول الدكتور أيمن أبو حديد، وزير الزراعة الأسبق أن ارتفاع درجة الحرارة لا يرتبط بقطع الأشجار، بل إن وجود بعض الأشجار قد يتسبب في نشر آفات معينة في مجال الزراعة لذا يجب الأخذ في الاعتبار مكافحتها.
أشجار حديقتي الحيوان والمريلاند
وحول أزمة أشجار حديقتي الحيوان والمريلاند والصور المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، أوضحت الدكتورة ياسمين فؤاد أن حديقتي المريلاند والأورمان، تضم أشجار تاريخية عريقة، ونظرًا لخصوصيتهما تم الاتفاق في مجلس الوزراء على الاستعانة بخبرة دولية في عملية التطوير و فعلًا تم التواصل مع شركة من جنوب أفريقيا تقدمت بالمقترح الداخلي بالحديقتين، وانتهت إلى ضرورة قطع 4 أشجار لأنها مصابة بالسوس، وأما خلاف ذلك من صور لقطع الأشجار غير حقيقي ولكن عملية تقليم فقط.
12 مليون شجرة
من جانبه، أكد النائب أحمدا لسجيني، رئيس الإدارة المحلية بمجلس النواب، عقد جلسة نيابية رقابية في هذا الموضوع، بحضور مجموعة من الخبراء، ودعمها بالمستندات أثبتتها الجهات المعنية في المجلس الموقر، أفادت بأنه تم زراعة حتى الآن 12 مليون شجرة ضمن مبادرة 100 مليون شجرة، ما بين أشجار مثمرة وخشبية وغيرها، ف، وأكدا لسجيني على ضرورة وأهمية أن تكون مبادرة ال ١٠٠ مليون شجرة مربوطة ومقرونة باقتصاديات المبادرة، ومفهوم العوائد لتحقيق المراد منها، ومشيرًا أن هناك كثير من التشريعات في هذا المجال.
النائب أحمد السجينى خلال كلمتهتهديد بالفشل
وعن استمرارية مبادرة 100 مليون شجرة، أشارت دكتورة مها فاروق رئيس قسم بحوث الغابات و الأشجار الخشبية بمعهد بحوث البساتين إلى أن مبادرة 100 مليون شجرة مهددة بالفشل، لأمر يتعلق بعدم توفر الشتلات اللازمة لتغطية المبادرة، لافتة إلى ضرورة البدء من الآنَ في الاهتمام بالمشاتل الموجودة في الأحياء وتقديم الدعم الفني والخبرات القادرة على إنتاج هذا العدد من الشتلات للأشجار المطلوبة من حيث النوع والمواصفات المناسبة لكل منطقة، سواء أشجار الشوارع ذات الأوراق العريضة أو أشجار الغابات على مياه الصرف الصحي، مشيرة إلى تجربة مصر الرائدة في زراعة 32 غابة مروية على مياه الصرف الصحي و التي، للأسف لم تكتمل، لتوفر علينا استيراد حوالي 1.5 مليار جنيه أخشاب ومنتجات أخشاب بحوالي 1.5 مليار.
خطة واضحة
ومن جانبها، أكدت نهى ذكى عضو لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بمجلس الشيوخ، على أهمية الغطاء الشجري من اجل مواجهة التغيرات المناخية وجودة الحياه ، وان قضية التشجير تحتاج إلى جهود مشتركة بين الجميع، وضرورة وضع خطة واضحة للتشجير لكل محافظة، وأيضا متابعة وتقييم ما يتم من مشروعات التشجير بالإضافة إلى أهمية التسويق الإعلامي لجهود الحكومة في هذا الصدد، وفى حالة حدوث قطع للأشجار من اجل المشروعات القومية لابد من توضيح ذلك سريعًا للمواطن أولًا بأول.
تجريم قطع الأشجار
واذا كانت المشروعات القومية قد تسببت في قطع بعض الأشجار، فماذا عن القطع الجائر للأشجار دون مبرر، وهل هناك عقوبة؟ وهنا يشير اللواء هشام الحصري رئيس لجنة الزراعة بمجلس النواب إلى المادة رقم ١٢٠ من قانون الري الجديد التي تجرم قطع الأشجار وتغريم من يفعل ذلك من ١٠٠ جنيه الى ٥ آلاف جنيه.
الجوجوبا والجاتروفا
وقدم تعددت المقترحات و التوصيات التي تقدم بها الحاضرون ما بين أهمية الإعلام ونشر الوعي بأهمية التشجير، ومقترحات بتقديم الحوافز وإشراك القطاع الخاص و صرف البذور لزراعة الأسطح في المدن الجديدة، وإشراك خريجي كلية الزراعة في المبادرة، وأهمية تعزيز التشريعات اللازمة لتجريم قطع الأشجار، ودعم القدرات الفنية للعاملين في مجال التشجير.
كما تضمنت التوصيات العمل على تخطيط زراعة الأشجار ومراعاة الشكل الجمالي والبيئة البصرية للأماكن المقرر تشجيرها، ووضع آليات للتنفيذ والتحقق والرقابة والتدقيق، والدعم المؤسسي من خلال وجود كيان موحد لإدارة ملف التشجير، والعمل على وجود قاعدة بيانات بالمساحات الخضراء وتكويد لها، فضلًا عن أهمية تحقيق المردود الاقتصادي من خلال العمل على زراعة الأشجار ذات قيمة اقتصادية للاستفادة منها، مثل طرح ٣ حزم استثمارية لزراعة الجوجوبا والجاتروفا و زراعة التين الشوكي،
وتوفير آليات الاتصال بإصدار بيانات رسمية لإعلام المواطنين بالمشروعات التنموية التي يتم تنفيذها وما قد يترتب عليها من إزالة لبعض الأشجار ومخططات الإحلال لتلك الأشجار وذلك لتفادي انتشار البيانات والأخبار المغلوطة، بالإضافة إلى الإعلان عن التقدم المحقق في تنفيذ المبادرة الرئاسية بصورة دورية.
زيادة المسطحات الخضراء
ومن جانبها أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد على تقديرها لكافة الآراء والمقترحات التي تم طرحها خلال الحوار، وسيتم عرضها على مجلس الوزراء، ولا سيما التوصية المتعلقة بإعادة النظر في خطة تنفيذ المبادرة على مستوى الجمهورية ووضع مخطط بالنوع والمواصفات الخاصة بالأشجار مشيرة إلى أن سياسة الدولة المصرية قيادة وشعبا هى زيادة المسطحات الخضراء، والعمل باحترافية مع الطبيعة.
مشيرة إلى أنه لا توجد خطة ممنهجة لقطع الأشجار، لكن هذا لا ينفي وجود بعض وقائع القطع في عدد من الأماكن، تتطلب اتخاذ الآليات التي تضمن عدم تكرارها، موضحة ضرورة أن يشارك الجميع سواء الإعلام، أو أعضاء مجلس النواب ممثلي الشعب، أوالمجتمع المدني، في نقل الصورة بمصداقية للجهات المسؤولة بالدولة، ليتم العمل على تحسين الأداء والتنبيه لأي فجوة أو قصور للعمل على إصلاحه.