ما بين برد الشمال ودفئ الجنوب، الطير المهاجر سواح، يفوت بلاد ويعدي بلاد، ولما يتعب الجناح، ينزل بلادنا أم الدنيا يلقى الأمان ويرتاح، هي دي الحكاية باختصار…
حكاية نوع جديد من السياحة البيئية يطرق سماء المحروسة، وهو ما يعرف بـ “سياحة مراقبة الطيور”، حيث تتمتع مصر ب 34 موقعًا مهما للطيور المهاجرة وفق التصنيفات العالمية، تتوزع في عدد من محافظات الجمهورية. ولكن يبدو أن البداية جاءت في محافظة بورسعيد.
منذ أيام قليلة انطلق الموسم الثاني لمهرجان “مراقبة وتصوير الطيور” بمدينة بورفؤاد بمحافظة بورسعيد، في الفترة من 29 نوفمبر وحتى 5 ديسمبر، والذي تنظمه محافظة بورسعيد بالتعاون مع وزارة البيئة وهيئة تنشيط السياحة والجمعية المصرية لحماية الطبيعة والجمعية المصرية لمصوري الحياة البرية في مصر.
انطلاق الموسم الثاني
وكما يقول دكتور حسين رشاد مدير محمية أشتوم الجميل، أن الموسم الثاني لمهرجان مراقبة وتصوير الطيور هو امتداد للموسم الأول الذي أقيم في ديسمبر من العام الماضي، ولقي نجاحا كبيرًا، من خلال تصوير الطيور ورفع الصور إلى المواقع الإعلامية الخارجية، فقد بلغ عدد الزائرين العام الماضي، حوالي 5000 زائر، من الداخل والخارج، جاءوا لمشاهدة الطيور، ولذا، هذا العام قررنا أن يمتد المهرجان إلى أسبوع بدلا من ثلاثة أيام فقط، كما نستهدف عدد أكبر هذا العام.
دكتور حسين رشاد- عدسة نجوم مصريةفكرة المهرجان
ويشير محمد سلامة مسؤول الإدارة المركزية بهيئة تنشيط السياحة أن فكرة المهرجان نبعت من مكتب هيئة تنشيط السياحة ببورسعيد، عندما تم ملاحظة ظاهرة موسم هجرة الطيور، وتمركزها في بورسعيد، وتم استغلال هذه الظاهرة الطبيعية، بدعوة المصورين في مهرجان للترويج لما تملكه محافظة بورسعيد من مقومات.
وأضاف سلامة، أنه في إطار إستراتيجية وزارة السياحة لخلق فاعليات وأحداث سياحية على مدار العام في مختلف محافظات الجمهورية، جربنا الفكرة في مارس 2022، وبناء عليه، أقمنا المهرجان الأول لمراقبة وتصوير الطيور المهاجرة في بور سعيد في ديسمبر 2022، لمدة 3 أيام، برعاية هيئة تنشيط السياحة ببورسعيد، وبالتنسيق مع محافظة بورسعيد، وتم دعوة المصورين المحترفين والهواة، وعدد كبير من شركات السياحة.
تكرار التجربة
ونتيجة نجاح الدورة الأولى للمهرجان حرصت المحافظة على تكرار التجربة، واليوم نحتفل بالدورة الثانية له، حيث أصبح من المعروف الآن أن مهرجان الطيور المهاجرة في بورسعيد يُعقد سنويا، وهذا في حد ذاته تنشيط للسياحة الداخلية والخارجية إلى المحافظة.
وتبدأ الهيئة في تنفيذ نفس فكرة المهرجان في محافظات أخرى، مثل محافظة الفيوم، وأسوان، والشرقية لإبراز ودعم هذا النوع من السياحة محليا وعالميا.
أهم أنواع الطيور
وهناك أنواع مختلفة من الطيور المهاجرة إلى مصر أهمها، الفلامنجو، البجع، البلشونات، الزرزور، النورس، اللقالق وقد أنشأت وزارة البيئة عددا من المحطات الخاصة لمراقبة الطيور وتصويرها.
حماية الطبيعة
ومن جانبه يقول دكتور خالد النوبي المدير التنفيذي للجمعية المصرية لحماية الطبيعة، أن مصر بها حوالي 34 موقعا مهما لهجرة الطيور وفق التصنيفات العالمية، حيث تستقبل مصر في موسم الهجرة ملايين الطيور بمختلف الأنواع، وفي ضوء ذلك تقوم الدولة المصرية إلى جانب المجتمع المدني، بجهود كبيرة لحماية مسارات الطيور المهاجرة.
ويشير النوبي إلى أن سياحة مشاهدة الطيور تصنف من أعلى التقييمات السياحية والتي تجذب فئة معينة من المثقفين وأصحاب الأبحاث لمتابعة ورصد الطيور ومساراتها أثناء فترة الهجرة والتي تبدأ من أغسطس وحتى يناير من كل عام.
وهو ما يعد مصدرا مهما للدخل القومي، مشيرا إلى أن بعض الدول تنفق ملايين الدولارات لحماية الطيور والاستفادة من وجودها على أراضيها، مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي تنفق ما يزيد عن 500 مليون دولار سنويا لدعم مجال سياحة الطيور المهاجرة لتشجيع السائحين.
ومن ناحية أخرى أشار النوبي إلى دور جمعية حماية البيئة، والتي تأسست على يد كوكبة من رواد حماية البيئة في مصر على رأسهم د عبد الفتاح القصاص عام 2005، وتمثل الجمعية رؤية الناس في حماية الطبيعة، وتعمل من خلال ثلاثة أبعاد، إنتاج المعرفة، ونشر الوعي، ومناصرة المناطق البيئية المهمة والمهددة، مثل بحيرة ناصر.
فقد كانت تعاني منطقة بحيرة ناصر من سمعة سيئة بسبب الصيد الجائر من قبل بعض السائحين من (مالطة)، مما هدد سياحة الطيور في هذه المنطقة، ولأول مرة، نجحنا بالتعاون مع وزارة البيئة في منع الصيد الجائر هذا العام في بحيرة ناصر، وفوجئنا ببعض شركات السياحة من أستراليا تتصل بنا وتبدي رغبتها في دعم السكان المحليين من الصيادين بمنطقة بحيرة ناصر، بعد منع الصيد في البحيرة، وقررت الشركات إرسال وفود سياحية إلى البحيرة لمشاهدة الطيور، كمصدر رزق للصيادين ونوع من الدعم لحماية البحيرة.
الإعلام والتوعية
ومن جانبه تحدث الدكتور محمود بكر رئيس مجلس إدارة جمعية كتاب البيئة والتنمية والتي شارك عدد كبير من أعضائها، في احتفالية إطلاق الموسم الثاني لمهرجان مشاهدة ومراقبة الطيور 2023، عن دور الإعلام في نشر الوعي البيئي والتنموي في كافة المجالات، مشيرا إلى أنه بناء على بروتوكول التعاون بين الجمعية ووزارة البيئة تم دعوة الجمعية للمشاركة في إطلاق المهرجان بورسعيد الثاني.
وحرص أعضاء جمعية كتاب البيئة والتنمية على زيارة إحدى مراكز مراقبة ومشاهدة الطيور ومشاهدة أسراب الفلامنجو وأنواع أخرى من الطيور النادرة في مسارات هجرتها من الشمال إلى الجنوب، وأيضا زيارة معرض التصوير الفوتوغرافي للطيور المقام على هامش المهرجان، وهي المشاركة التي تسهم في دعم وتنمية خبرات الإعلاميين المهنية لنقل صورة الحدث بكل الفنون الصحفية المناسبة.