حلايب وشلاتين.. واستمرار النزاع

تعود قضية مثلث حلايب لتطفو على السطح مرةأخرى، بعد الاتفاقية القديمة التي تسمى الحكم الثنائي بين مصر وبريطانيا عام 1899 والتي ضمت المناطق من دائرة عرض 22 شمالا لمصر وعليها يقع مثلث حلايب داخل الحدود السياسية المصرية، وبعد ثلاثة أعوام في 1902 عاد الاحتلال البريطاني الذي كان يحكم البلدين آنذاك بجعل مثلث حلايب تابع للإدارة السودانية لأن المثلث أقرب للخرطوم منه للقاهرة.

و قد عاد الشد والجذب بين مصر والسودان على ملكية المثلث، وهذا ليس بالشئ الجديد؛ بل أن الأمور تدخل طور السكون لفترة ثم تعود للظهور مرة أخرى، وهذا ما استمر لسنوات منذ 1958 عندما ارسل الرئيس المصري جمال عبد الناصر قوات إلى حلايب وبعد شكوى السودان هذا الأمر لمجلس الأمن اعاد عبد الناصر سحب القوات مرة أخرى، ومنذ ذلك الوقت أصبحت السيطرة على المثلث للسودان وحتى عام 1992.

و في نفس هذا العام ثارت النزاعات مرة أخرى بين البلدين، وذلك بسبب منع مصر للسودان من التنقيب عن البترول من خلال شركة كندية، واصدت بيان تقول فيه أن اي تدخل لشركات في حلايب لا يكون بإتفاق مع مصر يعتبر تعديًا على الأراضي المصرية، مما أدى ذلك لإنسحاب الشركة، ومنذ ذلك الوقت استمرت النزاعات والخلافات لتبلغ أوجها في عام 1995 ويدخل البلدين في منازعات عسكرية وينتج عنها سقوط ضحايا من الجيشين السوداني والمصري، مما قاد السودان للجوء إلى مجلس الأمن مرة أخرى ومن ثم الانسحاب من حلايب حقنًا للدماء، وليس اعترافًا بأحقية مصر في الإستيلاء على المثلث. ومنذ ذلك الوقت ومصر تفرض سيطرتها على حلايب، وتحاول بشتى الطرق استمالة سكان هذا المثلث بعرض الخدمات والوظائف الاستخباراتية عليهم واستغلال فقرهم وعدم وصول الدعم إليهم من السودان، الذي كانت هي المسؤول الأكبر عنه.

و في عهد الرئيس المصري محمد حسني مبارك في عام 2010، قامت القوات المصرية باعتقال السيد الطاهر محمد هساي رئيس مجلس حلايب المنتمى لقبيلة البشاريين لمناهضته للوجود المصري في حلايب. وتوفي في مستشفى في القاهرة أثر الاعتقال لمدة عامين بدون محاكمة. وعلى أثره قام وفد من قبيلة البشاريين بمخاطبة مركز الإعلام السوداني وذكر بوجود أعداد أخرى من المعتقلين. وفي حين تقول مصر بإنها تفرض سيادتها على حلايب، وما يخالف ذلك من وجود قوة مشاة بحرية سودانية في حلايب منذ عام 1958، الأمر الذي تعلم به مصر تمامًا بل إنها قالت إن وجود القوات البحرية يتم بموافقة مصر، فكيف تطالب بالسيادة الكاملة وتسمح بوجود قوات سودانية؟

و منطقة حلايب هي منطقة تقع على الطرف الأفريقي للبحر الأحمر مساحتها 20،580 كم2، توجد بها ثلاث بلدات كبرى هي حلايب وأبو رماد وشلاتين، المنطقة تتبع مصر سياسياً وإدارياً بحكم الأمر الواقع، وهي محل نزاع حدودي بين مصر والسودان. ويطلق عليها الجانب السوداني المنطقة الإدراية لحكومة دولة السودان أو اختصارا (بالإنجليزية: SGAA) أغلبية السكان من إثنية واحدة من البجا وينتمون لقبائل البشاريين والحمدأواب والشنيتراب والعبابدة، التي هي في واقع الأمر قبائل سودانية، ولها جذورها المتأصلة والموجودة حتى الآن في شتى الأراضي السودانية، ومن يختلط بالسكان في هذا المثلث يجد أنه لاشئ يفرقهم عن الشعب السوداني لغة وعادات وكل شيءتقريبًا والأهم اعترافهم هم أنفسهم بذلك.

و في تصريح جديد من الجانب السوداني ويعود لوزير الخارجية السوداني ابراهيم الغندور، بأن السودان لن ينسى أو يتخلى عن مثلث حلايب لأنها أرضي سودانية خالصة، وهذا ما قاله الرئيس السوداني أيضًا في وقت سابق، وأضاف الغندور أن الاتفاقية الحالية بين مصر والسعودية المعنية بترسيم الحدود البحرية قد تمس الحدود البحرية السودانية، وبخصوص قضية حلايب أكد أن السودان تواصل مع مجلس الأمن ايضًا وتواصل مع الأطراف المصرية والسعودية، ويأتي التواصل مع السعودية أيضًا من أجل مراجعة الاتفاق الذي يعود لعام 1974 والذي يحتوي اعترافًا سعودية بأني حلايب سودانية، وتأتي السعودية بالنقيض في اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع مصر، وقد قال الوزير: نريد تفسيرًا رسميًا لهذا والتوصل لإتفاق وإلا سنلجأ إلى التحكيم الدولي. وأشار الغندور أيضًا أن أي تدخل في ثروات المثلث من أي جهة كانت يعد غير قانوني.

و من الجانب المصري جاء الحديث من الدكتور عبد الله الأشعل  مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون القانونية والمعاهدات والتخطيط السياسي السابق، ؛ الذي قال أن مصر هي من اعطت الفرصة لأي كان بالمطالبة بحقوق من الأراضي المصرية، بعد تنازلها عن جزيرتي تيران وصنافير بكل سهولة وبالحوار فقط للسعودية، وأضاف انه يجب الحفاظ على حلايب وشلاتين كمناطق مصرية.

و في النزاع مع السودان فإن مصر ترفض كل شيءتقريبًا، فهي ترفض الحوار مع الحكومة السودانية في قضية حلايب وشلاتين كما فعلت مع السعودية في تيران وصنافير، وأيضا ترفض التحكيم الدولي كما فعلت مع اسرائيل في قضية طابا، وبالحديث عن التحكيم الذي ترفضه مصر جملة وتفصيلاً، الأمر الذي ليس له تفسير، حيث تقول مصر أنها تملك كل الوثائق التي تثبت أحقية مصر في السيطرة على حلايب، وأن السودان ليس لديه ما يثبت ذلك، فهل يعقل أن يطلب من لا يملك اثباتًا التحكيم الدولي ويرفض من يملك كل والإثباتات؟


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد