منعت الصلاة في الحرم المكي… هل اقتربت الساعة؟

كثر الحديث مؤخرا عن منع الصلاة في الحرم المكي وعن ارتباطه بقرب قيام الساعة، فهل هذا صحيح وهل نحن فعلا في آخر الزمان؟

أول سؤال يتبادر إلى أذهاننا هو: هل هذه هي المرة الأولى التي تمنع فيه الصلاة داخل الحرم المكي؟

سوف تتفاجأ ربما من الجواب ولكن الصلاة منعت داخل الحرم ما يقارب أربعين مرة طبقا لأغلب المؤرخين سنذكر منها بعض أهمها :

والبداية كانت بهجوم أبرهة الحبشي على الكعبة قبل البعثة النبوية وهو نفس العام الذي ولد فيه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، والذي يقدر بأنه قد حدث ما بين 586-570م.

في عام 73 هجرية، خرج الحجاج بن يوسف الثقفي بجيشه إلى مكة وحاصر ابن الزبير فيها وضرب الكعبة بالمنجنيق حتى هدمها بأمر من عبد الملك بن مروان. وفي إثر هذه الهجمة دُمرت أجزاء من الكعبة المشرفة، وحينها توقفت الصلاة عند بيت الله الحرام وأداء مناسك العمرة.
” وقد ذكرت تلك الواقعة أيضاً في البداية والنهاية/الجزء الثامن/ : ” قال الواقدي: حدثني مصعب بن نائب عن نافع مولى بني أسد – وكان عالما بفتنة ابن الزبير- قال: حصر ابن الزبير ليلة هلال الحجة سنة ثنتين وسبعين وقتل لسبع عشر ليلة خلت من جمادى الأول سنة ثلاث وسبعين، فكان حصر الحجاج له خمسة أشهر وسبع عشرة ليلة”

في سنة 317 هجرية، وهو من أكثر السنوات دموية في تاريخ المسلمين، قام القرامطة بقيادة أبو طاهر القرمطي ملك البحرين بالهجوم بشكل مفاجئ على أكبر قافلة للمعتمرين في ذلك الوقت، كانت تضم آلافاً من الرجال والنساء والبضائع. وقد ذبح القرامطة وقتها حوالي 2200 رجل و500 امرأة، وأخذوا الآخرين أسرى، فضلاً عن الغنائم التي غنموها في ظل وقوف الدولة العباسية عاجزة عن مواجهتهم أو إيقافهم واستمر هجوم القرامطة على أطراف مكة والحجاج، وهو الأمر الذي أثّر سلباً في أعداد الحجاج، وفي العام 317هـ، أفتى كثير من العلماء ببطلان الحج؛ حمايةً للأنفس والأعراض ويومها تعلق الحجاج بأستار الكعبة، إلا أن القرامطة قتلوهم، واختلطت دماؤهم بأستار الكعبة، وقد روى المؤرخون أن من قتل في هذه المجزرة يفوق 30 ألفاً، دفنوا في مواضعهم بلا غسل ولا كفن ولا صلاة.

في العام 1629م نزلت على مكة سيول عظيمة، أدت إلى انهيار جدران الكعبة، توقفت مناسك الحج والعمرة إبان فترة إعادة تجديد الكعبة بأمر من السلطان مراد الرابع، وأخذ بناؤها بضعة أشهر، ويقول المؤرخون إن هذا البناء هو البناء القائم حالياً.

وباء الكوليرا الثاني خلال الفترة ما بين : 1829-1849م ويعرف أيضاً باسم وباء الكوليرا الآسيوي، بدأ في الهند ولقد عبر غرب آسيا إلى أوروبا وبريطانيا العظمى والأمريكيتين، بالإضافة لوصوله إلى جهة الشرق في الصين واليابان، ولقد تسببت الكوليرا في حدوث الكثير من الوفيات بسرعة أكبر من أي مرض وبائي آخر في القرن التاسع عشر مما أدى إلى وفاة ثلاثة أرباع الحجاج سنة 1830م وتعطيل موسم الحج.

عام السيل 1941م اجتاحت الأمطار الغزيرة والسيول مكة المكرمة، مما أدى إلى غرق الحرم وسط السيول، وكادت المياه تصل حتى باب الكعبة نفسه، ومُنع الناس من الطواف فيها، إلا أن بعض الناس قاموا بالنزول والسباحة بهدف الطواف حول البيت العتيق.

اعتداء جهيمان العتيبي سنة 1400 هـ الموافق 20 نوفمبر 1979.دخل جهيمان وجماعته المسجد الحرام في مكة المكرمة لأداء صلاة الفجر يحملون نعوشاً للصلاة عليها صلاة الجنازة بعد صلاة الفجر وكانت تلك النعوش مليئة بالأسلحة والذخيرة، وما أن انفضّت صلاة الفجر، قام جهيمان وصهره أمام المصلين في المسجد الحرام ليعلن للناس نبأ المهدي المنتظر وفراره من “أعداء الله” واعتصامه في المسجد الحرام. قدّم جهيمان صهره محمد بن عبد الله القحطاني على أنه المهدي المنتظر، ومجدد هذا الدين، وذلك في اليوم الأول من بداية القرن الهجري الجديد، بعدها أغلق العتيبي أبواب المسجد الحرام، فوجد المصلون أنفسهم محاصرين ومحتجزين داخل المسجد الحرام، بمن فيهم النساء والأطفال الذين أخلوا سبيلهم بعد ثلاثة أيام، وبقي عدد من المحتجزين داخل المسجد، واستمر الحصار لمدة أسبوعين، توقف فيهما الطواف والصلاة في الحرم، حتى نجحت السلطات السعودية (بالاستعانة بفريق من الكومندوس الفرنسي) في السيطرة على الوضع في الحرم.

كانت هذه أبرز المحطات التي منعت فيها الصلاة داخل الحرم المكي، وليس منعها بسبب فيروس كورونا بحادث جديد على أمتنا الإسلامية ولا هو بإشارة لقرب قيام الساعة، لأنه على مر العصور، مرت على الحرم المكي عدة كوارث منها الطبيعية كالسيول ومنها الصحية كالأوبئة ومنها السياسية كواقعة ضرب الكعبة بالمنجنيق..

أتمنى أن يعيد هذا المقال بعض الهدوء للأنفس المنشغلة بقرب الساعة ونهاية العالم وأذكر نفسي وإياكم بالآية الكريمة قال تعالى: (يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلا بَغْتَةً يَسْأَلونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) الأعراف /187.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد