المصيدة الروسية: كيف انتهى شباب مصريون أسرى في الحرب الأوكرانية؟

في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الكثير من الشباب في العالم العربي، يبحث البعض عن فرص خارج أوطانهم آملين في حياة أفضل، سواء من خلال الدراسة أو العمل، لكن ماذا لو تحول هذا الحلم إلى كابوس حقيقي؟

هذا ما حدث مع عدد من الشباب المصريين الذين وجدوا أنفسهم في قلب الحرب الأوكرانية، ليس كطلاب علم أو باحثين عن العمل، بل كمقاتلين في صفوف الجيش الروسي، بعد استدراجهم بوعود مغرية، على رأسها الحصول على الجنسية الروسية، ورواتب مالية ضخمة.

في هذا التقرير نكشف كيف سقط الشباب المصري في فخ التجنيد الروسي، وكيف انتهى بهم المطاف أسرى أو في عداد القتلى ولماذا تستخدم روسيا هذه الاستراتيجية لتجنيد الأجانب في حربها ضد أوكرانيا.

الوعد الزائف.. المال والجنسية مقابل القتال

تجنيد الأجانب في الجيش الروسي ليس بالأمر الجديد، لكنه ازداد بشكل لافت منذ يناير 2024، خاصة بعد الخسائر البشرية الضخمة التي تكبدها الجيش الروسي في الحرب الأوكرانية.

وفقًا لتحقيق نشره موقع “مصراوي” فإن شبكة روسية تعمل على استقطاب الشباب العربي، وخصوصًا المصريين والسوريين من خلال إغراءات مالية بالإضافة إلى وعد بالحصول على الجنسية الروسية بعد عام واحد من الخدمة.

لكن الحقيقة مختلفة تمامًا فبمجرد انضمام هؤلاء الشباب، يتم إرسالهم مباشرة إلى الجبهات الأمامية، حيث يكونون في الخطوط الأولى للمعارك العنيفة، دون تدريب كافٍ ليواجهوا مصيرًا مجهولًا بين القتل، الأسر، أو الاختفاء.

قصة محمد.. من طالب طب إلى أسير حرب

أحد أبرز الأمثلة على هذا الفخ هو الشاب المصري محمد، الذي سافر إلى روسيا عام 2021 بهدف دراسة الطب لكنه لم يكن يعلم أن رحلته ستنتهي به في أحد السجون الأوكرانية ليس كطالب بل كأسير حرب.

بدأت القصة عندما واجه محمد صعوبات مالية في روسيا مما دفعه للبحث عن عمل لتغطية تكاليفه الدراسية، وبينما كان يعمل في توصيل الطلبات وجد نفسه متورطًا في قضية لم يكن له علاقة بها حيث تم اتهامه بـحيازة 100 كجم من المخدرات ليُحكم عليه بالسجن سبع سنوات ونصف.

داخل السجن، وجد نفسه أمام خيارين:

  • إكمال عقوبته في ظروف قاسية
  • الانضمام إلى الجيش الروسي مقابل إطلاق سراحه ومنحه الجنسية

لم يكن أمامه سوى الخيار الثاني ليتم تجنيده سريعًا وإرساله إلى جبهة القتال بعد 10 أيام فقط من التدريب، لكن لم تمضِ سوى أربعة أيام على الجبهة، حتى وقع في قبضة الجيش الأوكراني، ليظهر في مقطع فيديو يروي كيف انتهى به الحال أسيرًا في حرب لم يكن له فيها ناقة ولا جمل.

المصريون في قبضة الجيش الأوكراني

محمد لم يكن المصري الوحيد الذي انتهى به المطاف أسيرًا في أوكرانيا، في نوفمبر 2024 أعلن الجيش الأوكراني عن أسر طالب مصري آخر تم تجنيده في الجيش الروسي بعد حصوله على الجنسية الروسية.

الشاب الذي كان يدرس تكنولوجيا المعلومات وجد نفسه مجندًا في القوات الروسية وأُرسل إلى الجبهة بالقرب من مدينة كوراخوف الأوكرانية حيث وقع في الأسر بعد أن قُتل جميع زملائه في القتال.

وسائل الإعلام الأوكرانية أشارت إلى أن هذا الشاب كان “حالة استثنائية” خاصة أنه يجيد أربع لغات مما جعله محل اهتمام القادة الأوكرانيين الذين اعتبروا أنه يمكن أن يكون ورقة مساومة في صفقات تبادل الأسرى مع روسيا.

لماذا تجنّد روسيا الشباب المصري؟

بحسب تقرير صادر عن “RBC-أوكرانيا” فإن روسيا تعتمد بشكل متزايد على تجنيد الأجانب وخاصة الشباب الذين يعانون من ضائقة مالية لتعويض خسائرها البشرية في أوكرانيا.

تعتمد هذه الاستراتيجية على:

  • استدراج الشباب بوعد الحصول على الجنسية الروسية
  • تقديم رواتب مغرية لا يحصلون عليها في بلادهم
  • استخدامهم في الخطوط الأمامية للقتال لتعويض النقص العددي في الجيش الروسي

لكن ما لا يدركه الكثيرون هو أن هذه الوعود غالبًا ما تكون زائفة، حيث يتم إجبار هؤلاء المقاتلين على القتال دون أي ضمانات حقيقية وعند وقوعهم في الأسر أو موتهم، لا تعترف بهم روسيا كمواطنين مما يتركهم في مأزق لا خروج منه.

هل هناك مخرج من هذا الفخ؟

ما حدث مع محمد وغيره من الشباب المصريين هو رسالة تحذير لكل من يفكر في السفر إلى روسيا بحثًا عن فرص مغرية.

الحرب ليست طريقًا للحصول على الجنسية أو تحسين الوضع المالي، بل قد تكون بابًا إلى المجهول.

إذا كنت تفكر في السفر تأكد من التحقق من العروض التي تُقدَّم لك وعدم الوقوع في فخ التجنيد القسري، فالكثيرون ممن ساروا في هذا الطريق لم يعودوا أبدًا، ومن عاد، لم يعد كما كان.

 


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد


جميع المحتويات المنشورة على موقع نجوم مصرية تمثل آراء المؤلفين فقط ولا تعكس بأي شكل من الأشكال آراء شركة نجوم مصرية® لإدارة المحتوى الإلكتروني، يجوز إعادة إنتاج هذه المواد أو نشرها أو توزيعها أو ترجمتها شرط الإشارة المرجعية، بموجب رخصة المشاع الإبداعي 4.0 الدولية. حقوق النشر © 2009-2025 لشركة نجوم مصرية®،جميع الحقوق محفوظة.