المصارف الإسلامية الإماراتية تواصل التألق: نمو قوي بنسبة 17% في الأرباح يعكس صلابة القطاع وديناميكية الاقتصاد الوطني
أظهرت المصارف الإسلامية العاملة في دولة الإمارات العربية المتحدة أداءً ماليًا استثنائيًا خلال الربع الأول من عام 2025، مؤكدةً مكانتها كركيزة أساسية في القطاع المصرفي الإماراتي المزدهر. وفقًا لمسح أجرته قناة CNBC عربية، قفزت الأرباح المجمعة لهذه البنوك بنسبة ملحوظة بلغت 17% على أساس سنوي، لتصل قيمتها الإجمالية إلى 4.8 مليار درهم إماراتي (ما يعادل حوالي 1.31 مليار دولار أمريكي). هذا النمو القوي لا يعكس فقط الأداء الإيجابي المستمر للقطاع المصرفي الإسلامي، بل يشير أيضًا إلى البيئة الاقتصادية المحلية المواتية التي تدعم النمو، بالإضافة إلى الجهود الاستراتيجية الدؤوبة التي تبذلها هذه المؤسسات المالية للتوسع والابتكار وتعزيز كفاءتها التشغيلية.
وكشفت البيانات التفصيلية عن نمو شامل في مختلف مؤشرات الأداء الرئيسية للمصارف الإسلامية الإماراتية. فقد سجلت الإيرادات المجمعة نموًا قويًا بنسبة 11% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، مما يشير إلى زيادة النشاط التجاري وقدرة البنوك على توليد الدخل. كما شهد حجم التمويل الممنوح من قبل هذه البنوك، والذي يمثل النشاط الأساسي لها، نموًا لافتًا بنسبة 15%، وهو ما يعكس الثقة في الاقتصاد المحلي والطلب المتزايد على التمويل المتوافق مع الشريعة. وبرزت هيمنة بنك دبي الإسلامي (DIB)، أكبر بنك إسلامي في الدولة، حيث استحوذ وحده على حصة كبيرة بلغت 44% من إجمالي التمويلات التي قدمتها البنوك الإسلامية الإماراتية خلال هذه الفترة، مما يؤكد دوره الريادي في السوق.
على صعيد الأداء الفردي للمؤسسات الكبرى، أظهر بنك دبي الإسلامي نتائج قوية، حيث نما صافي أرباحه بنسبة تتراوح بين 8% و9% على أساس سنوي ليصل إلى حوالي 1.7-1.8 مليار درهم. وشهد البنك أيضًا نموًا مطردًا في صافي محفظة التمويلات بنسبة 5% ونموًا قويًا في ودائع العملاء بنسبة 7%، مما يدل على ثقة العملاء وقدرة البنك على جذب السيولة. كما ارتفع صافي الإيرادات التشغيلية للبنك بنسبة 5.2%. من جانبه، حقق مصرف أبوظبي الإسلامي (ADIB) أداءً ملفتًا للغاية، مسجلًا نموًا قويًا بنسبة 18% في صافي الأرباح قبل وبعد الضريبة ليصل إلى 1.9 مليار و1.7 مليار درهم على التوالي.
وشهد المصرف نموًا كبيرًا في إجمالي الإيرادات بنسبة 14%، وكان لافتًا بشكل خاص القفزة الهائلة التي بلغت 35% في الدخل غير الممول (من الرسوم والعمولات والاستثمارات والصرف الأجنبي)، والذي أصبح يمثل نسبة مهمة تبلغ 39% من إجمالي الإيرادات، مما يعكس نجاح استراتيجية تنويع مصادر الدخل. كما سجل المصرف نموًا قويًا في تمويل العملاء بنسبة 28% وإجمالي الأصول بنسبة 25%. أما بنك الإمارات الإسلامي، الذراع الإسلامي لمجموعة بنك الإمارات دبي الوطني، فقد حقق إنجازًا بارزًا بتجاوز صافي أرباحه حاجز المليار درهم للمرة الأولى في ربع واحد، محققًا نموًا سنويًا لافتًا بنسبة 24%، مع نمو إجمالي الدخل بنسبة 8%.
يُعزى هذا النمو القوي والمستدام في ربحية البنوك الإسلامية الإماراتية إلى مجموعة من العوامل المتضافرة. فبالإضافة إلى الأداء القوي للاقتصاد الإماراتي غير النفطي، الذي أشارت إليه وكالة ستاندرد آند بورز العالمية والذي يوفر بيئة تشغيلية داعمة، تبرز الجهود الاستراتيجية المدروسة التي تبذلها هذه البنوك. يتضح ذلك في نجاح مصرف أبوظبي الإسلامي في زيادة دخله غير الممول بشكل كبير، وتركيز بنك دبي الإسلامي المستمر على تطوير قدراته الرقمية لتعزيز تجربة العملاء وكفاءة العمليات. يشير هذا التوجه إلى أن النمو لم يعد يعتمد فقط على هوامش الربح من التمويل التقليدي، بل يتغذى بشكل متزايد من المبادرات الاستراتيجية للبنوك لتعزيز الكفاءة التشغيلية، وجذب شرائح جديدة من العملاء، وتقديم خدمات مالية مبتكرة، مما يعزز مرونتها وقدرتها على التكيف مع المتغيرات وتحقيق نمو مستدام على المدى الطويل.
